كلام الشيخ حماد). وهكذا الأمر في عبدالله بن عطاء.
وقال البيهقي: والحكايات في عوار المراسيل كثيرة، وأنا أذكر منها هنا واحدة، فذكر قصة شعبة مع هذا الحديث (القراءة خلف الإمام للبيهقي /207)
وذكر الخطيب أن خلقا من أهل العلم حدثوا عمن لا ترتضى أحوالهم وغيروا أسماءهم وأنسابهم تدليسا للرواية عنهم، ومثل ذلك غير مأمون على المرسِل وأن يكون قصد إسقاط ذكر الذي أرسل عنه خوفا من أن لا يكتب حديثه إذا سماه لضعف روايته وسقوط عدالته، ثم مثل بهذه القصة (انظر الكفاية/400)
وذكر العلائي هذه القصة، ثم قال: فهذا وأمثاله يبين عوار المرسل (جامع التحصيل/78).
والمقصود أن هؤلاء العلماء ساقوا القصة على أنها من باب الإرسال – بالمعنى العام أي الانقطاع - ليبينوا مفسدة الإرسال، وعلة عدم قبول المنقطع، فعبدالله بن عطاء أرسل الحديث عن عقبة بن عامر، وبعد البحث وجد أن بينهما عددا من الرواة، ومنهم من فيه ضعف.
وأمر آخر أحب أن أنبه عليه، وهو أن صاحبي التحرير ليسا أول من انتقد ابن حجر في وصفه عبدالله بن عطاء في التقريب بأنه يدلس، فقد سبقهما إلى ذلك شيخنا الدكتور مسفر الدميني فقال بعد أن ذكر قصة شعبة:
" هذه قصته التي أشار إليها الحافظ، ولم يؤثر عنه تدليس في غيرها، ولاوصفه به أحد قبل ابن حجر مع شهرتها عند أهل العلم، ومع ذلك فقد وصفه الحافظ بالتدليس في التقريب فقال: "صدوق يخطئ ويدلس" رغم أنه جعله في المرتبة الأولى من مراتب المدلسين الذين ندر تدليسهم، وهؤلاء من عادة الحافظ في التقريب ألا يشير إلى مارموا به من تدليس لأنه إما أنه لم يثبت عليهم، وإما أنه نادر جدا، وابن لهيعة أكثر منه تدليسا ومع ذلك لم يشر في التقريب إلى تدليسه. ثم إني أخشى أن عبدالله بن عطاء لم يكن هو الذي دلس هذا الحديث، وأن الذي سواه ودلسه هو أبوإسحاق السبيعي، حيث سمعه من عبدالله بن عطاء عن أولئك، فحذفهم من الإسناد، وسواه عن الثقات، وجعله عن عبدالله بن عطاء عن عقبة بن عامر، والذي يقوي هذا الاحتمال أنهم لم يذكروا عبدالله بن عطاء بتدليس، بينما وصف كثير منهم أباإسحاق السبيعي بالتدليس، فلايبعد أنه هو الذي دلسه. والله أعلم " (التدليس في الحديث للدميني/208).
أقول: مما يرد الاحتمال الذي ذكره الدكتور الدميني أمور، منها:
1 - ظاهر القصة، فقوله باحتمال أن يكون أبوإسحاق سمعه عن عبدالله بن عطاء عن أولئك فحذفهم يرده أن عبدالله بن عطاء لما سأله شعبة عمن حدثه لم يذكر له سوى رجل، وهو سعد بن إبراهيم، ولو كان عند عبدالله بن عطاء بقية السند إلى عقبة لمااحتاج شعبة أن يذهب إلى سعد بن إبراهيم ليسأله عمن حدثه، فدل هذا على أن أباإسحاق لم يكن يعلم من بين عبدالله بن عطاء وعقبة، حتى يحذفهم.
2 - أن أبا إسحاق لم يصفه أحد بأنه يدلس تدليس التسوية فيما أعلم. وقد ذكر الدكتور مسفر في كتابه التدليس ص 60 أسماء من وصفوا بتدليس التسوية، ولم يذكر منهم أباإسحاق السبيعي.
3 - أن أباإسحاق لو أراد أن يسوي الحديث عن الثقات كما قال الدميني فلماذا حذف سعد بن إبراهيم وزياد بن مخراق، وهما من الثقات؟
وأنبه هنا على أن الاحتمال الذي ذكره الدكتور الدميني ليس تدليس تسوية باصطلاح الحافظ ابن حجر، لأن الحافظ يشترط في تدليس التسوية أن يكون الراوي الذي حُذف من بينه وبين المثبت بعده قد سمع المثبت أو أدركه، وعبدالله بن عطاء لم يدرك عقبة، فلايكون هنا تدليس تسوية، لكن الدكتور الدميني مال إلى عدم اشتراط هذا الشرط في تدليس التسوية، ولهذا حكم على ذلك الاحتمال بذلك.
الوقفة الثانية والعشرون
في تعقب 340/ 3479 ص 436: في ترجمة عبدالله بن عطاء الطائفي الذي قال فيه ابن حجر: " صدوق يخطئ ويدلس "، فتعقبه صاحبا التحرير بقولهما: " لو قال: صدوق، وسكت لكان أحسن وأصوب؛ إذ لم نقف على خطئه أو تدليسه "، فتعقبهما الدكتور ماهر بقوله: " لوسكتا لكان خيرا لهما، ولقل الخطأ وكثر الصواب ... أما خطؤه فقد روى الترمذي والطبراني في الأوسط والحاكم من طريقه عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان أحب النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة، ومن الرجال علي.
¥