تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هي تدل على عدم تصديق الفاسق في خبره، وصرح تعالى في موضع آخر بالنهي عن قبول شهادة الفاسق، وذلك في قوله (ولا تقبلوا لهم شهادةً أبداً وأولئك هم الفاسقون). النور 4 / ولاخلاف بين العلماء في رد شهادة الفاسق وعدم قبول خبره.

وقال أبوحاتم ابن حبان: ومنهم (يعني الضغفاء) المعلن بالفسق والسفه، وإن كان صدوقا في روايته؛ لأن الفاسق لايكون عادلاً، والعدل لايكون مجروحاً، ومن خرج عن حد العدالة لايعتمد على صدقه، وإن صدق في شيء بعينه في خالة من الأحوال، إلا أن يظهر عليه ضد الجرح حتى يكون أكثر أحواله في طاعة الله عزوجل، فحينئذٍ يحتج بخبره، فأما قبل ظهور ذلك عنه، فلا.

وحديث الفاسق وفاحش الغلط وذا الغفلة كل من هؤلاء حديثهم سمى (المنكر).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبتدع في اصطلاح المحدثين:

من أعتقد ما أحدث في الدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم بنوع شبهة لا بمعاندة (انظر فتح المغيث للسخاوي 1/ 303.

حكم رواية المبتدع:

اختلف العلماء في الرواية عن المبتدعه كالمرجئة والقدرية والخوارج والرافضة وغيرهم، وفي الإحتجاج بما يروونه على أقوال:

الأول: يرى جماعة من أهل العلم أن رواية أهل البدع لاتقبل مطلقاً؛ وذلك لأنهم إما كفار، وإما فساق بما ذهبوا إليه، وكل من الكافر والفاسق مردود الرواية.

وقد روي هذا القول عن الإمام مالك، والقاضي أبي بكر الباقلاني، واختاره الآمدي، وجزم به ابن الحاجب.

واحتج لهذا الرأي بأن في الرواية عن المبتدع ترويجاً لأمره، وتنويهاً بذكره.

وقد رد الحافظ ابن الصلاح هذا الرأي، وقال: إنه مباعد للشائع عن أئمة الحديث، فإن كتبهم طافحة بالروابة عن المبتدعة.

الثاني: يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة، سواء كانوا فساقاً أو كفاراً بالتأويل.

واختار هذا القول أبو الحسين البصري معللاً بأن الظن بصدقه غير زائل.

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: التحقيق أن لايرد كل مكفر ببدعته؛ لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك عل الإطلاق لاتستلزم تكفير جميع الطوائف.

الثالث: يرى بعض أهل العلم التفصيل: فإن كانت البدعة صغرى، كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولاتحرف، قبلت مروياته، وبه قال الذهبي وعلل قوله بأنه لو ردت مرويات هذا النوع، لذهب جملة من الآثار النبوية وفيه مفسدة بينة؛ لأن هذا النوع كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق.

وقال: وإن كانت البدعة كبرى كالرفض الكامل، والغلو فيه، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهم والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لايحتج بهم ولاكرامة.

الرابع: تفصيل أيضا: إن كان دعية إلى مذهبه لم يقبل، وإلا قبل أن لم يرو مايقوي بدعته، وهو مذهب أكثر العلماء، ونسبه الخطيب البغدادي للإمام أحمد بن حنبل، ورجحه ابن الصلاح.

لكن يضعف هذا الرأي رواية البخاري، عن عمران بن حطان، الذي قال فيه المبرد: كان عمران رأس القعدية من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم. وقال ابن حجر: إن كان داعية إلى مذهبه.

وقد أجيب عن تخريج البخاري حديث عمران بن حطان بأجوبة، منها:

أ - قيل: إنما خرج له ماحمل عنه قبل ابتداعه.

ب- وقيل: إنه رجع في آخر عمره عن رأي الخوارج.

ج- وقيل: إنه خرج له في المتابعات، لا في الأصول، وهو المعتمد.

انظر: هدي لساري ص 433، فتح الباري 10/ 290، وفتح المغيث 1/ 309.

الخامس: تفصيل أيضاً: وهو إن كان المبتدع يستحل الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل، وإلا قبل؛ لأن إعتقاد حرمة الكذب يمنع من الإقدام عليه فيحصل صدقه.

وممن قال بهذا القول الإمام الشافعي، فقد روى عنه الخطيب البغدادي قوله: وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم.

وحكاه الخطيب عن أبي ليلى، والثوري، وابي يوسف القاضي. ونسبه الحاكم لأكثر أئمة الحديث، وقال الفخر الرازي: إنه الحق.

لكن قال الشيخ أحمد شاكر: وهذا المذهب فيه نظر؛ لأن من عرف بالكذب ولو مرة واحدة لاتقبل روايته، فأولى أن ترد روايته من يستحل الكذب.

قال شيخنا عبدالكريم الخضير حفظه الله:

بعد استعراض الأقول السابقة، وماعلل به أصخاب كل قوم لرأيهم، تبين لي رجحان ما اعتمده الحافظ ابن حجر، وهو: أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع، معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه، فلا مانع من قبوله. ورجح الشيخ أحمد شاكر، وقال: إنه الحق الجدير بالإعتبار، ويؤيده النظر الصحيح. ونحوه عن الشيخ محمد بخيت المطيعي، وقال إن من كان ذلك، كان كافراً قطعاً.

والحمدلله رب العالمين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير