تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

§ما ضعفه غيره من الأئمة المتقدمين فهو ضعيف.

§ما سكت عنه الأئمة، إن لم يكن صحيحا فهو حسن يحتج به إلا أن تظهر فيه علة تمنع الحكم بصحته، لأن قرينة الطعن في المستدرك قوية، وقد رد العراقي هذا الرأي، ونقل عن ابن جماعة أنه قال: يتتبع ويحكم عليه بما يليق بحاله من الحسن أو الصحة أو الضعف، وممن رد هذا الرأي أيضا ابن كثير في اختصار علوم الحديث، واختار رأي النووي الذي أجاز لمن تمكن وقويت معرفته، الحكم على أحاديث المستدرك بما يليق بحالها، وقد اختار هذا الرأي الشيخ أحمد شاكر في شرحه لإختصار علوم الحديث، وأنكر قول ابن الصلاح بمنع الإجتهاد في الحكم على الأحاديث ووصف هذا القول بأنه قول باطل، لا برهان عليه من كتاب أو سنة، وجدير بالذكر أن ابن الصلاح رحمه الله قصد من هذا الرأي غلق باب الإجتهاد في وجه من لم تقو عنده ملكة الإجتهاد في الحكم بصحة حديث أو بطلانه.

الذهبي:

وقد اختصر مستدرك الحاكم، واستدرك على الحاكم في معظم أحكامه، كما نقل ذلك الحافظ ابن كثير، حيث قال: في هذا الكتاب "أي المستدرك" أنواع من احديث كثيرة، فيه الصحيح المستدرك، وهو قليل، وفيه صحيح قد خرجه البخاري ومسلم ولم يعلم به الحاكم، وفيه الحسن والضعيف والموضوع أيضا وقد اختصره شيخنا أبو عبد الله الذهبي، وبين هذا كله وجمع فيه جزءا كبيرا مما وقع فيه من الموضوعات، وذلك يقارب مائة حديث، والله أعلم. الباعث الحثيث ص38_42 بتصرف، طبعة مكتبة السنة. وجدير بالذكر أن الذهبي رغم تعقبه للحاكم في أغلب أحكامه، إلا أنه وهم هو الآخر في الحكم على أحاديث كثيرة في المستدرك، وربما كان هذا بسبب سرعة إنجاز الذهبي رحمه الله لهذا المختصر، حيث ورد ما يؤيد ذلك، وهو أنه "علقه برأس القلم" (أو كلمة نحوها، وهذا يدل على سرعة مراجعته للمستدرك، ومعلوم ما يقع من الوهم نتيجة هذه السرعة، ولا أدري من قائل هذه الكلمة، هل هو الذهبي، أم غيره ممن علق على تلخيصه).

وقد اعتذر الحافظ عن الحاكم بقوله: إنما وقع للحاكم التساهل لأنه سود كتابه لينقحه فأعجلته المنية.

وأما بالنسبة لصاحب المستدرك (وإن كان هذا لا يتعلق بموضوع البحث ارتباطا مباشرا، إلا أنني أردت التركيز على المستدرك وصاحبه في نفس الموضع حتى نخرج إن شاء الله بصورة كاملة)، فقد تكلم فيه بعض العلماء وتركز كلامهم على جانب التشيع لآل البيت رضوان الله عليهم، فنقل عن ابن طاهر أنه سأل أبا إسماعيل الهروي عن الحاكم فقال: ثقة في الحديث، رافضي خبيث. وقال ابن طاهر في موضع آخر: كان شديد التعصب للشيعة من الباطن، وكان يظهر التسنن في التقديم والخلافة، وكان منحرفا غاليا عن معاوية رضي الله عنه وأهل بيته، يتظاهر بذلك ولا يعتذر عنه. وقال أبو بكر الخطيب: كان أبو عبد الله بن البيع (أي الحاكم) ثقة، وكان يميل إلى التشيع. وقد رد الذهبي على قول أبي إسماعيل الهروي بقوله: كلا، ليس رافضيا، بل يتشيع، وبالموازنة بين هذه الأقوال يتضح لنا أن العلماء لم يتكلموا في ضبطه فهو ثقة ضابط، ومن تكلم منهم، تكلم في تشيعه، ولا شك أن القول الصحيح في هذه المسألة_إن شاء الله_هو قول الذهبي والخطيب، والفرق كبير بين التشيع الذي وصف به كثير من أهل السنة كالأعمش وشريك والحاكم والنسائي (وقد اشتهر به أهل السنة في الكوفة، على النقيض من أهل البصرة الذين وصفوا بأنهم عثمانية) وبين الرفض، فالأول أصحابه لا يقدحون في الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ولا في عثمان رضي الله عنه، ويقدمون الشيخين رضي الله عنهما في الفضل والخلافة، ويقدمون عثمان رضي الله عنه في الخلافة ونقطة الخلاف الوحيدة بينهم وبين أهل السنة الخلص أنهم يقدمون عليا رضي الله عنه على عثمان في الفضل، وهذا وإن كان مما يخالف فيه هؤلاء إلا أنه لا يوجب تفسيقا أو تضليلا، وإنما الذي يوجب الفسق والتضليل هو تقديم علي رضي الله عنه في الفضل أو الخلافة على الشيخين رضي الله عنهما، أو تقديمه رضي الله عنه على عثمان في الخلافة لا الفضل كما بين ذلك شيخ الإسلام، وأما الثاني (أي الرفض) فهو مذهب خبيث يقتضي الطعن في الشيخين رضي الله عنهما وعثمان رضي الله عنه والقدح في إمامتهم وهو الذي يوجب التفسيق والتضليل. وفي هذا رد كافي على كلام الهروي، ولعل من أشهر الأحاديث التي تكلم في الحاكم بسبب تصحيحه لها حديث الطير، وفيه إهداء الطير المشوي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاؤه صلى الله عليه وسلم الله بقوله: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير فدعا أنس رضي الله عنه أن يكون الآتي من الأنصار لتصيب هذه الدعوة رجلا من قومه، فجاء علي بن أبي طالب فرده أنس وجاء الثانية والثالثة والرابعة فدفع أنسا في صدره ودخل فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم عن إبطائه فأخبره بما كان بينه وبين أنس فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أنسا عن ذلك فقال أنس رضي الله عنه: رجوت أن يكون رجلا من الأنصار فتصيبه هذه الدعوة، فقال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل قد يحب قومه)، فهذا الحديث روي من طريق سفينة رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن طريق أنس رضي الله عنه حيث جاء من أكثر من تسعين طريقا عن أنس رضي الله عنه فقط بخلاف الطرق الأخرى، وقد تعقب الذهبي الحاكم في هذا الحديث وأغلظ له القول ولكنه عاد مرة أخرى وألف مؤلفا في هذا الحديث وربما هالته كثرة طرقه وتوقف في تصحيحه وقال: (ولست بمثبته ولا بعتقد بطلانه) ومن قبل الذهبي والحاكم ألف ابن جرير الطبري رسالة في هذا الحديث، ولكن الحافظ ابن كثير لم يلتفت لكثرة هذه الطرق وتعرض لها طريقا طريقا في البداية والنهاية وأبطلها كلها. وقد يعتذر للحاكم في تصحيحه لهذا الحديث بأنه ربما نظر إلى هذه الطرق الكثيرة التي جاء منها الحديث.

انتهى

رابط الشرح: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=218839&postcount=2

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير