تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يجوز للخطيب أن يطوع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لضغوط العصر ومصطلحاته، أو يعرض عنه لأجلها؛ بل الواجب عليه أن يرد الناس إلى الجادة، ويربيهم على تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلاله والاستدلال به والتسليم له.

قال سفيان الثوري رحمه الله تعالى: (إن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل) ([4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn4))

وذَكَر الشافعي رحمه الله تعالى حديثا فقال له رجل: تأخذُ به يا أبا عبد الله؟ فقال: أفي الكنيسة أنا؟! أو ترى على وسطي زُنَّارا؟! نعم أقول به، وكلما بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت به) ([5] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn5))

وقال إبراهيم الحربي رحمه الله تعالى: (ينبغي للرجل إذا سمع شيئا من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به) ([6] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn6))

الموازنة بين أحاديث موضوعه وبين خطبته:

أغلب الموضوعات التي يتناولها الخطباء هي موضوعات شرعية تتعلق بالمعتقدات أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق أو غيرها، وتتفاوت هذه الموضوعات من جهة وفرة النصوص النبوية فيها وكثرتها من قلتها، وعليه فلا تخلو الأحاديث التي جمعها الخطيب لموضوع خطبته من حالات ثلاث:

الأولى: أن تكون في عددها ومساحتها مناسبة لخطبته فلا هي كثيرة تطول الخطبة بها ولا هي قليلة تقصر بها عن المطلوب، وهذه لا إشكال فيها.

الثانية: أن تكون كثيرة لا يمكن استيعابها في خطبة واحدة، وهذه يعمل معها ما ذكرته سابقا في الآيات الكثيرة بتقسيمها على موضوعات لعمل خطب عدة منها، ويمكن مراجعة ما ذكرته في تقسيم الآيات لتتضح الصورة أكثر. ([7] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn7))

الثالثة: أن تكون قليلة بحيث تقصر بها الخطبة قصرا مخلا، فيكملها بالآيات والآثار عن الصحابة والتابعين والأئمة وأقوال العلماء المتبوعين، ويمكن مراجعة ما ذكرته في فقرة الآيات القليلة في الموضوع وكيف يتعامل الخطيب معها لتكون الصورة أوضح. ([8] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=41#_ftn8))

ما يراعى في الاستدلال بالسنة:

في الاستدلال بالأحاديث النبوية أرى أنه يحسن بالخطيب مراعاة ما يلي:

أولا: التأكد من صحة الحديث الذي يستدل به؛ فإن كان متواترا أو في الصحيحين أو أحدهما فلا إشكال، ولا يحتاج إلى مراجعة؛ لتلقي الأمة لهما بالقول، ولإجماع العلماء على الاحتجاج بأحاديثهما في الجملة.

وهنا يحسن التنبيه على أن الخطيب قد ينقل الحديث ممن نقل عن الصحيحين أو أحدهما وعزاه مؤلفه إلى الصحيح فالأولى أن يتأكد من ذلك بمراجعة الصحيح لما يلي:

أ- قد يكون مؤلف الكتاب الذي نقل منه واهما في عزوه للصحيح، أو أخطأ في ذلك، أو حصل خلل في الحواشي فنُقلت تخريجات أحاديث لأخرى، وهذا محتمل بل يقع في كثير من الأحيان.

ب- قد يكون أصل الحديث في الصحيح، والمؤلف ساقه بتمامه وألحق به زيادات أو ألفاظا ليست في الصحيح، ثم عزا الحديث للصحيح يريد أصل الحديث الذي ساقه بتمامه دون الزيادات أو الروايات الأخرى، ويكون استدلال الخطيب بجزء من الحديث، ويكون هذا الجزء من الزيادات لا من أصل الحديث، أو يكون من الألفاظ الأخرى التي ليست من ألفاظ الصحيح، فيعزوه للصحيح تبعا للمؤلف، مع أن اللفظ أو الزيادة التي ذكرها ليست في الصحيح.

ج- قد يكون الحديث في الصحيح موقوفا أو معلقا، والمؤلف رفعه أو وصله باعتبار طرق أخرى رفعته أو وصلته وهي ليست في الصحيح، فينسب للصحيح ما ليس منه لمجرد أنه اطلع على حديث فيه كلام طويل أو تخريج كثير فانتزع منه (أخرجه البخاري أو مسلم) دون أن يقرأ بقية الحاشية ليعلم أن ما في الصحيح موقوف أو معلق.

ومراجعة الصحيح للتأكد لا تضر الخطيب، بل تنفعه بتعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعناية به، واكتساب معرفة جديدة مع كل مراجعة يطالع فيها الصحيحين، وقد يقع بصره على حديث ما كان يعرفه من قبل، ويناسب هذا الحديث أن يكون موضوع خطبة أخرى، أو هو محتاج إليه في خطبته تلك وهو بجوار حديثه الذي أراد التأكد من ثبوته ولفظه، وقد وقع ذلك لي كثيرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير