تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- كان على المحقق أولا: أن ينتبه إلى أنه لم ينقل أحد قبله كلام هؤلاء الأئمة في ترجمة عبد الرحمن، فلم يفعله المزي صاحب التهذيب الذي يعلق عليه المحقق، ولا الذهبي، ولا ابن حجر، وعادتهم أن ينقلوا كل ما قيل في الراوي، بل لم يفعله العقيلي نفسه الذي انفرد بتضعيفه. بل هذا الذي نقله المحقق من كلام أحمد قد ذكره المزي في التهذيب في ترجمة ابن أبي ليلى الابن، وهو محمد. وقد وقف عليه المحقق هناك بلا شك، والغريب أن عبارة أحمد قد ذكرها المحقق في هامشه في ترجمة محمد المذكور، وعزاها إلى العلل، وذكرها كذلك في ترجمة عبد الرحمن. فهل صار الكلام في الابن يتعدى إلى الأب بجامع الاشتراك في النسبة؟!. والله المستعان.

- وكان عليه ثانيا أن ينتبه إلى أنه عند تشابه أسماء الرواة، أو نسبتهم ينبغي الرجوع إلى شيوخ الراوي وتلاميذه، ليرتفع الاشتباه ويتعين المراد، وهذه أول الطرق وأسهلها لإزالة اللبس والاشتباه، وقد عد علماء المصطلح هذا الاشتباه نوعا من أنواع علوم الحديث، وأفردوه بالذكر، بل وجعلوه أقساما وذكروا كلا منها على حدة، ومن الطريف أن يكون عبد الرحمن بن أبي ليلى وابنه محمد من أمثلة هذا النوع:. قال السيوطي (تدريب الراوي 2/ 393): "النوع الخامس والثمانون معرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه ذكره شيخ الإسلام في النخبة وقال هو نوع لطيف لم يتعرض له ابن الصلاح وفائدته رفع اللبس عمن يظن أن فيه تكرارا أو انقلابا " ثم ذكر أمثلة ثم قال:" ومنها الحكم بن عتيبة روى عن ابن أبي ليلى وروى عنه ابن أبي ليلى فالأعلى عبد الرحمن والأدنى محمد بن عبد الرحمن المذكور"، وقال السخاوي في (فتح المغيث 3/ 62):عند ذكر متفقي الاسم: " وقد يكون بين متفقي الاسم واسطة" ثم ذكر أمثلة منها" والحكم بن عتيبة عن ابن أبي ليلى وعنه ابن أبي ليلى فالأعلى عبد الرحمن والأدنى محمد بن عبد الرحمن المذكور" انتهى.

- والآن إلى بيان موضع الخطأ وسبب اللبس. وهو إطلاق كلمة ابن أبي ليلى، كما يفعله أهل العلم, فقد يؤدي ذلك إلى اللبس في أول وهلة، لكنه بمجرد الوقوف على اسم الشيخ واسم الراوي والموضع الذي قيل فيه الكلام، والسبب الحامل عليه يتبين المراد من إطلاق هذه الكلمة: أهو عبد الرحمن الأب، أم محمد الابن؟. وعبارة أحمد في العلل قد قالها عند كلامه على حديث البراء في رفع اليدين عند افتتاح الصلاة، ونص العبارة في العلل هكذا: "سألت أبي عن حديث البراء بن عاز ب في الرفع. فقال: حدثنا محمد بن جعفر غندر قال: حدثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: سمعت البراء يحدث قومًا فيهم كعب بن عجرة قال: رأيت رسول الله ? حين فتح الصلاة رفع يديه, قال أبي: وكان سفيان بن عيينة يقول: سمعناه من يزيد هكذا. قال سفيان: ثم قدمت الكوفة قدمة فإذا هو يقول: ثم لم يعد. حدثني أبي عن محمد بن عبد الله بن نمير قال: نظرت في كتاب ابن أبي ليلى فإذا هو يرويه عن يزيد بن أبي زياد قال أبي: وحدثناه وكيع سمعه من ابن أبي ليلى عن الحكم وعيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وكان أبي يذكر حديث الحكم وعيسى يقول إنما هو حديث يزيد بن أبي زياد كما رآه بن نمير في كتاب ابن أبي ليلى قال أبي: ابن أبي ليلى كان سيئ الحفظ, ولم يكن يزيد ابن أبي زياد بالحافظ". انتهى.

وأدنى تأمل في الكلام يبين أن المراد به ابن أبي ليلى (الابن) أي: محمد، لا الأب (عبد الرحمن)، ذلك أن الإمام أحمد كشف علة هذا الحديث، بأن المحفوظ فيه هو ما رواه غندر عن شعبة بلفظ: "رأيت رسول الله ? حين فتح الصلاة رفع يديه". وهكذا سمعه سفيان من يزيد بن أبي زياد أولاً، ثم بعد ذلك قدم سفيان الكوفة فوجد ابن أبي زياد قد زاد لفظة: "ثم لم يعد". وقال أحمد: إن ابن نمير وجد هذا الحديث في كتاب ابن أبي ليلى يرويه عن يزيد بن أبي زياد. وذكر أحمد أنه قد سمع هذا الحديث بزيادته من وكيع عن ابن أبي ليلى - وهو محمد- عن الحكم، وعيسى كلاهما عن عبد الرحمن، لكن ذلك ليس محفوظًا عن عيسى أو الحكم، بل المحفوظ عن ابن أبي ليلى عن يزيد بن أبي زياد، ثم بين أحمد علة الطعن في الزيادة المذكورة وهي: أن ابن أبي ليلى - وهو محمد- سيئ الحفظ، وقد خالفه شعبة وهو من جبال الحفظ، كما أن يزيد بن أبي زياد ليس بذاك الحافظ. هذا مراد أحمد - رحمه الله- وهو أن ابن أبي ليلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير