تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الجهالة عند نقاد الحديث: مفهومها وأسبابها واحكامها]

ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[07 - 06 - 09, 05:36 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قمت بكتابة ونقل هذه الدراسة من مجلة الجامعة الاسلامية ونشرها هنا للفائدة

[الجهالة عند نقاد الحديث: مفهومها وأسبابها واحكامها]

الدكتور أبو بكر كافي

مجلة جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية

رمضان 1426هـ/ أكتوبر 2005م.

تعد مسالة الجهالة من القضايا الهامة في النقد الحديثي لما يترتب عليها من أحكام تتعلق بالرواة والمرويات، وقد تباينت فيها طرائق المحدثين، فمن معتبر لها من أسباب الضعف الشديد إلى ملغ لأثرها ومعتد بروايات المجاهيل مطلقا، وبين هذا وذاك تصرّفات للأئمة النقاد ينبغي معرفتها والالتزام بها لحل كثير من المشكلات في تصحيح الأحاديث وتعليلها، وفيما يلي عرض لنماذج من تصرفات هؤلاء النقاد كالإمام البخاري والإمام مالك والإمام الترمذي والإمام ابن حيان وغيرهم، وقبل الخوض في بيان مواقف هؤلاء الأئمة من الرواة المجاهيل لا بد من تعريف الجهالة لغة واصطلاحا وبيان أسبابها.

تعريف الجهالة لغة: المجهول في لغة العرب (1) هو:

1 - كل شيء غير معلوم الحقيقة.

2 - أو غير معلوم الوصف على وجه الدقة.

3 - أو في معرفته تردد أو تشكك.

تعريف الجهالة اصطلاحا: عرف الخطيب المجهول بقوله: " هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه، ولا عرفه العلماء به، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد" (2)

أسباب الجهالة: للجهالة سببان بينهما الحافظ ابن حجر بقوله:

" أَحَدُهُما: أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ تَكْثُرُ نُعوتُهُ مِن اسمٍ أَو كُنْيَةٍ أَو لَقَبٍ أَو صِفَةٍ أَو حِرْفةٍ أَو نَسَبٍ، فيشتَهِرُ بشيءٍ مِنها، فيُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا اشْتُهِرَ بِهِ لِغَرَضٍ مِن الأغْراضِ، فيُظنُّ أَنَّه آخرُ، فيَحْصُلُ الجهْلُ بحالِهِ.

والأمر الثاني: أَنَّ الرَّاويَ قد يكونُ مُقِلاً مِن الحديثِ، فلا يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْهُ، وَقد صَنَّفوا فِيهِ الوُحْدانَ، وهو مَن لم يَرْوِ عنهُ إِلاَّ واحِدٌ، ولو سُمِّي " (3).

والتعريف الذي أورده الخطيب البغدادي للمجهول، قد اعترض عليه غير واحد ممن كتب في المصطلح كابن الصلاح والنووي والعراقي (4). كما أن الواقع التطبيقي عند الأئمة النقاد يخالفه، فحكم من رو حكموا عليه بالجهالة وقد روي عنه جماعة، وفيهم من حكموا عليه بالوثاقة وليس له إلا راو واحد، وكثير ممن ليس له إلا راو واحد اختلفوا في الحكم عليه بين موثق ومضعف ومجهل (5)

وعليه نستطيع القول أن الجهالة غير مرتبطة بعدد الرواة بقدر ما هي مرتبطة بالشهرة، ورواية الحفاظ. وقد سبق إلى هذا الإمام ابن رجب – رحمه الله – فقال: " وظاهر هذا انه لا عبرة بتعدد الرواة، وإنما العبرة بالشهرة، ورواية الحفاظ" (6).

فمقدار مرويات الرجل لها دور بارز في الحكم عليه، فكلما كثرت مرويات الرجل وكانت مستقيمة كم عليه بالوثاقة، وكلما قلّت وكانت مخالفة لروايات الثقات حكم عليه بالضعف، وإن قلّت رواياته، ولم يتداولها العلماء، فلا يمكن الحكم عليه، وبقي في حيز الجهالة.

وهذا الذي ذهب إليه الحافظ ابن رجب – رحمه الله – يخالف إطلاق محمد بن يحي الذهلي – الذي حكاه عنه الخطيب في الكفاية- وتبعه عليه المتأخرون من أنه ل يخرج الرجل من الجهالة إلا برواية رجلين فصاعدا عنه (7)

وإن كان الخطيب – رحمه الله – قد صرح باعتبار شهرة الراوي بالطلب، وكذلك صرح بان اقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدا من المشهورن بالعلم كذلك (8).

ومع ذلك نجد أن كثيرا من المتأخرين لم يعتبروا الشهرة بالطلب في الراوي لكي يرتفع عنه وصف الجهالة ويثبت لهم بذلك وصف العدالة، وقد نبّه على هذا الحاكم النيسابوري فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر حيث قال: " زاد الحاكم في علوم الحديث في شرط الصحيح أن يكون راويه مشهورا بالطلب، وهذه الشهرة قدر زائد عن الشهرة التي تخرجه من الجهالة وقد استدل الحاكم على مشروطية الشهرة بالطلب بما أسنده عن عبد الله بن عون قال: "لا يؤخذ العلم إلا ممن شهد له عندنا بالطلب" والظاهر من تصرف صاحبي الصحيح اعتبار ذلك، إلا أنهما حيث يحصل للحديث طرق كثيرة يستغنون بذلك عن اعتبار ذلك" (9).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير