أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ
ـ[محمد المسلم السلفي]ــــــــ[23 - 04 - 09, 06:04 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فإن الله عز وجل منَّ على البشرية ببعثة الرسل وخص هذه الأمة الخاتمة للأمم بخاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ
أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِالْجَرَسِ
الحديث:
-2 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَامَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّالْمُؤْمِنِينَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا _أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ _رَضِيَاللَّهُ عَنْهُ _ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّفَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِيالْمَلَكُ رَجُلًا، فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ. قَالَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فِيالْيَوْمِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، فَيَفْصِمُ عَنْهُ وَإِنَّ جَبِينَهُلَيَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
الشرح:
(الحديث الثاني) من أحاديث بدء الوحي.
قوله: (حدثنا عبد الله بن يوسف) هو التنيسي، كان نزل تنيس منعمل مصر، وأصله دمشقي، وهو من أتقن الناس في الموطأ، كذا وصفه يحيى بن معين.
قوله: (أم المؤمنين) هو مأخوذ من قوله تعالى: (وأزواجهأمهاتهم) أي: في الاحترام وتحريم نكاحهن لا في غير ذلك مما اختلف فيه علىالراجح، وإنما قيل للواحدة منهن أم المؤمنين للتغليب، وإلا فلا مانع من أن يقال لهاأم المؤمنات على الراجح.
قوله: (أن الحارث بن هشام) هو المخزومي، أخو أبي جهل شقيقه، أسلم يوم الفتح، وكان من فضلاء الصحابة، واستشهد في فتوح الشام.
قوله: (سأل) هكذا رواه أكثر الرواة عن هشام بن عروة، فيحتملأن تكون عائشة حضرت ذلك، وعلى هذا اعتمد أصحاب الأطراف فأخرجوه في مسند عائشة.
ويحتمل أن يكون الحارث أخبرها بذلك بعد فيكون من مرسل الصحابة، وهومحكوم بوصله عند الجمهور.
وقد جاء ما يؤيد الثاني، ففي مسند أحمد ومعجم البغوي وغيرهما منطريق عامر بن صالح الزبيري عن هشام عن أبيه عن عائشة عن الحارث ابن هشام قال: سألت.
وعامر فيه ضعف، لكن وجدت له متابعا عند ابن منده، والمشهور الأول.
قوله: (كيف يأتيك الوحي) يحتمل أن يكون المسؤول عنه صفة الوحينفسه، ويحتمل أن يكون صفة حامله أو ما هو أعم من ذلك، وعلى كل تقدير فإسناد الإتيانإلى الوحي مجاز، لأن الإتيان حقيقة من وصف حامله.
واعترض الإسماعيلي فقال: هذا الحديث لا يصلح لهذه الترجمة، وإنماالمناسب لكيف بدء الوحي الحديث الذي بعده، وأما هذا فهو لكيفية إتيان الوحي لا لبدءالوحي ا ه.
قال الكرماني: لعل المراد منه السؤال عن كيفية ابتداء الوحي، أوعن كيفية ظهور الوحي، فيوافق ترجمة الباب.
قلت: سياقه يشعر بخلاف ذلك لإتيانه بصيغة المستقبل دون الماضي، لكن يمكن أن يقال إن المناسبة تظهر من الجواب، لأن فيه إشارة إلى انحصار صفة الوحيأو صفة حامله في الأمرين فيشمل حالة الابتداء، وأيضا فلا أثر للتقديم والتأخير هناولو لم تظهر المناسبة، فضلا عن أنا قدمنا أنه أراد البداءة بالتحديث عن إماميالحجاز فبدأ بمكة ثم ثنى بالمدينة.
¥