تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمَّا مَن يعرِف ضلالَهم وعمايتهم، فلا يذهبون إليه، ويدعون إلى هجره؛ بحجة أنَّه مبتدعٌ ضالٌّ، وفاسق فاجر!

هكذا يَسيرون، وهكذا يتخبَّطون، صاروا في عُزلةٍ عن المجتمع، بل حتَّى عن أنفسِهم، ولو أنَّهم رجعوا إلى أنفسهم، ونظروا في كتب أهل العِلم، وتَفكَّروا وتَدبَّروا - لعَرَفوا أنَّهم على غير الجادة، قدِ انحرفوا عن دِينِ محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه - رضي الله عنهم - وساروا مع أهل الظُّلم والطُّغيان.

لذا أردتُ أن أجمعَ مُختصَرًا في عِلم الجرح والتَّعديل؛ تنبيهًا للغافل، وتذكيرًا للنَّاسي، وتعليمًا للجاهل، فأسأل الله - تعالى - أن يُوفِّقَ الجميع إلى كلِّ خيرٍ، وأن يُجنبَنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، إنَّه على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وسلَّم.

أولاً: تعريفه:

هو عِلمٌ يُبحث فيه عن جرحِ الرُّواة وتعديلهم بألفاظٍ مخصوصة، وعن مراتبِ تلك الألفاظ [1] ( http://www.alukah.net/articles/1/5582.aspx#______1).

وأوَّلُ مَن عرَّفه هو ابنُ أبي حاتمٍ الرازي؛ كما روى الخطيب بسنده إلى محمَّد بن الفضل العبَّاسيِّ قال: "كنَّا عند عبدالرَّحمن بن أبي حاتم، وهو يقرأ علينا كتاب "الجرح والتَّعديل"، فدخل عليه يوسفُ بن الحُسين الرَّازيُّ، فقال: يا أبا محمَّد، ما هذا الذي تَقرؤه على النَّاس؟ قال: كتابٌ صَنَّفتُه في الجرح والتَّعديل، قال: وما الجرح والتَّعديل؟ قال: أظهر أحوالَ أهل العِلم؛ مَن كان منهم ثِقةً أو غير ثقة" [2] ( http://www.alukah.net/articles/1/5582.aspx#______2).

ثانيًا: أهميته:

هو صِيانةُ حديثِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من تحريفِ المُبطلِين، وانتحال الغالين، وصيانةُ الشَّريعةِ مِنَ البدع والمُحْدَثات.

ثالثًا: دليل جرح الرواة وتعديلهم:

الكلام في أحوال الرِّجال جرحًا وتعديلاً جاء في الكتاب والسُّنَّة، وأقوال السَّلف والعُلماء:

فمِن الكِتاب:

1 - قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]، فالتَّبيُّن من عدالة الرُّواة وضبطِهم أهمُّ من التَّبيُّنِ من أخبارِهم عن غيرهم، ففي التَّبيُّن لحديثِ الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - حفظٌ للدِّين، وصيانةٌ له مِن تحريف المبطلين، وانتحال الغالين.

2 - ولَمَّا جاء الهُدهد لسليمانَ – عليه السَّلام - بخبر بلقيس وقومِها، قال له: {سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النمل:27].

فمعرفةُ الصَّادق مِنَ الكاذب مِن رُواة الحديث أهمُّ من معرفة شخصٍ أو دولةٍ تُشرك بالله - تعالى.

3 - وقد ذكر الله - تعالى - عن كذبِ أقوامٍ؛ فقال في المنافقين: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1].

وقال عنهم أيضا: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لَمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة:107].

وقال عن النَّصارَى: {أَلا إِنَّهُم مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الصافات: 151 – 152].

وقال عنِ الَّذين يَقذفون المحصنات: {لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: 13].

وأخبرَ عن صِدقِ أقوامٍ؛ فقال – سبحانه -: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: 33].

وقال عن فُقراء المهاجرين: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير