تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفيه اختلاف ذكره النسائي في عمل اليوم والليلة وقد صححه الحاكم في مستدركه وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه وسكت عن ذلك الإمام الذهبي رحمه الله.

وفي هذا نظر فالحديث ليس على شرط الشيخين وفيه اختلاف كثير والحديث حديث عبدالله بن بريدة وقد تقدم أنه لم يسمع من عائشة.

قولها [أرأيتَ إنْ علمتُ أي ليلة ليلة القدر].

فيه علو همة الصحابة رضي الله عنهم وخاصة عائشة رضي الله عنها حيث تسأل عن دعاء تدعو به في ليلة القدر وعائشة عندها علم عظيم من كون الدعاء في ليلة القدر مشروعاً وتحفظ عائشة رضي الله عنها الشيء الكثير من الأدعية وهذا لايخفاها ولكنها تريد دعاءً جامعاً لخيري الدنيا والآخرة تدعو به في ليلة القدر فأرشدها النبي صلى الله عليه وسلم إلى سؤالها وأعلمها بما ينفعها والحديث لو صحّ صريح بالرد على من زعم بأن ليلة القدر قد رفعت إذ لو كانت ليلة القدر قد رفعت لقال صلى الله عليه وسلم لعائشة لا حاجة إلى معرفة هذا فإن ليلة القدر قد رفعت وتأخير البيان عن وقت الحاجة لايجوز ولذلك الذي عليه عامة الصحابة وأئمة التابعين أن ليلة القدر لم ترفع بل هي موجودة في رمضان وتحديد هذا بليالي العشر وأرجاها بالأفراد وأرجى هذه الأفراد ليلة سبع وعشرين.

قولها [ما أقول فيها].

تريد بذلك دعاء جامعاً لأنه لايخفى على مثلها دعاء تدعو به ثم اعلم أنه ليس لليلة القدر دعاء مخصوص لايدعى إلا به. بل يدعو المسلم بما يناسب حاله وكل بحسبه ولكن أفضل الأدعية في ليلة القدر الأدعية الجامعة من دعوات النبي صلى الله عليه وسلم الواردة عنه في مقامات كثيرة وأحوال خاصة وعامة.

ويظهر من الحديث أن الدعاء في ليلة القدر كان معروفاً ومشهوراً عند الصحابة رضي الله عنهم وقد جاء في الصحيحين من حديث الزهري عن أبي سلمة ابن عبدالرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه).

قول [من قام ليلة القدر].

أي قام يصلي ويدعو، وفي هذا دليل على مشروعية الإكثار من الدعاء في ليالي القدر.

قوله [قولي: اللهم إنك عفوٌ].

فيه إثبات صفة العفو له سبحانه وتعالى.

قوله [إنك عفو تحب العفو].

فيه إثبات صفة المحبة لله وقد قال تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ} وقال تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وأهل السنة والجماعة يثبتون صفة العفو وصفة المحبة لله تعالى إثباتاً بلا تمثيل وتنزيهاً بلا تعطيل فلا يحرفون ولايكيفون ولايمثلون ولايعطلون بل يؤمنون بأن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير يقول ابن القيم رحمه الله ناظماً معتقد أهل السنة والجماعة في باب الأسماء والصفات قال رحمه الله:

لسنا نشبه وصفه بصفاتنا

كلا ولا نخليه من أوصافه

من شبه الرحمن العظيم بخلقه

أو عطل الرحمن عن أوصافه

إن المشبه عابد الأوثان

إن المعطل عابد البهتان

فهو الشبيه لمشرك نصراني

فهو الكفور وليس ذا الإيمان

قوله [فاعف عني].

فيه دليل على أنه يستحب للداعي إذا دعا أن يتوسل إلى الله جل وعلا بالصفة المناسبة لدعائه فإذا أراد المغفرة يقول ياغفور اغفر لي وياعفو اعفو عني وإذا أراد العزة يقول ياعزيز أعزني ولابن القيم رحمه الله كلام مفيد حول هذه القضية أفاده في جلا الأفهام في الصلاة على خير الأنام.

659/ وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى). متفق عليه.

قال البخاري رحمه الله حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة قال أخبرنا عبدالملك بن عمير قال سمعت قزعة يحدث عن أبي سعيد.

وقال مسلم رحمه الله حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عبدالملك بن عمير به ولفظ مسلم (لاتشدوا الرحال) بلفظ النهي ورواه البخاري ومسلم أيضاً من طريق سفيان بن عيينه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه به.

وفي الباب حديث بصرة بن أبي بصرة الغفاري رواه أحمد بن حنبل في مسنده ومالك في الموطأ وابن حبان في صحيحه وإسناده صحيح (أنه لقي أبا هريرة راجعاً من الطور وقال لو علمت أنك تذهب إلى الطور لمنعتك ثم استدل عليه بحديث الباب وفيه أن إعمال المطي وهذا كناية عن السفر يحرم لبقعة معينة تقصد لذاتها إلا البقاع الثلاث المستثناة بالحديث.

قوله [لاتشد الرحال].

هذا خبر بمعنى النهي يؤيد هذا لفظ الإمام مسلم [لا تشدوا الرحال].

والنهي هنا للتحريم كما هو قول الإمام أحمد واختار هذا أبو محمد الجويني وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وقد حصل لشيخ الإسلام أذى عظيم بسبب فتياه بمنع شد الرحال إلى القبر النبوي فقد قام عليه أعداؤه وخصومه. وبدعوه وضللوه بسبب هذه القضية وسعوا بسجنه حتى سجن وأوذي وعذب ومات في السجن رحمه الله فلقد جاهد في الله حق جهاده ونصر هذا الدين بلسانه وسنانه فمن ثم صارت محبة شيخ الإسلام علماً لأهل السنة والجماعة وعلماً للموحدين وصار بغضه وعداوته وسبه علماً وشعاراً لأهل البدع الضالين فلا تكاد تجد سنياً يبغض شيخ الإسلام أويعاديه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير