(لما كان ليلة الغار قال أبو بكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: يا رسول الله! دعني فلأدخل قبلك فإن كانت حية أو شيء كانت لي قبلك، قال: " ادخل "، فدخل أبو بكر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - يلتمس بيديه فكلما رأى جحراً جاء بثوبه فشقه، ثم ألقمه الجحر حتى فعل ذلك بثوبه أجمع، قال: فبقي جحر فوضع عقبه عليه، ثم أدخل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قال: فلما أصبح قال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فأين ثوبك يا أبا بكر؟ "، فأخبره بالذي صنع، فرفع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يده، فقال: " اللهم اجعل أبا بكر معي في درجتي يوم القيامة، فأوحى الله تعالى إليه: إن الله قد استجاب لك ".
قال أبو مالك - عفا الله عنه -:
وهذا إسناد موضوع، لعدة علل:
1 - أحمد بن محمد بن حبيب المؤدب، لم أر من ترجمه.
وقد أشكل علي في ترجمتين:
الأولى: أحمد بن محمد المؤدب، يعرف بالسرخسي. قال عنه الخطيب: " حدث عن أبي العباس البرتي القاضي حديثاً منكرا ً ". [" تاريخ بغداد " (5/ 139)].
الثانية: أحمد بن مالك بن حبيب، أبو حفص المؤدب، حدث عن أسود بن عامر (شاذان)، روى عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل. [" تاريخ بغداد " (5/ 166)].
فالله أعلم إن كان أحدهما، أو غيرهما.
2 - أبو معاوية: واسمه عبد الرحمن بن قيس الضبي، البصري، يروي عن هلال بن عبد الرحمن.
قال عنه الحافظ: " متروك، وكذبه أبو زرعة وغيره ".
3 - هلال بن عبد الرحمن: وهو الحنفي، له ترجمة في " اللسان " (6/ 202)، وفي " ضعفاء العقيلي " (4/ 350)، قال: " منكر الحديث "، وله عن عطاء بن أبي ميمونة وغيره، الضعف على أحاديثه لائح فليترك ". اهـ كلام الذهبي.
ورواه من طريق آخر عن أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في " الحلية " (7/ 260) من طريق محمد بن سهل البغدادي، ثنا عثمان بن معبد، ثنا شيخ من أهل الكوفة، يكنى أبا زيد حماد بن موسى التيمي - في مجلس أبي عاصم النبيل -، ثنا مسعر بن كدام، ثنا قتادة عن أنس، نحوه.
ولم يذكر فيه الدعاء، وإنما قال: فدعا له.
قال أبو مالك - عفا الله عنه -:
وهذا سند ضعيف، فيه من لا أعرفه.
عثمان بن معبد: لم أعرفه، ولا أبا زيد حماد بن موسى.
وقتادة مدلس، وقد عنعن.
والله أعلم.
وأرجو من الأخوة من كان عنده زيادة على ما ذكرته فليتفضل بها علينا، وجزاكم الله خيراً.
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[01 - 02 - 06, 04:01 ص]ـ
جزى الله الأخ ((رمضان أبو مالك)) خير الجزاء، ولكن ليس فيما ذكره عند أبي نعيم في "حلية الأولياء" ذكراً لحمل أبي بكر للنبي، ولا ثعبان الغار، وإليكم القصة مع التخريج:
1و2 - القصة الأولى والثانية هما قصة واحدة، وهي قصة ((منكرة لا تصح)):
أخرجها اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2426)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (2/ 476 - 477)،وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (30/ 79) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي، قال: حدثني فرات بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن ضبة بن محصن، عن عمر أنه قال له:
والله لليلة من أبي بكر ويوم خير من عمر، هل لك بأن أحدثك بليلته ويومه؟
قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين.
قال: أما ليلته لما خرج رسول الله هارباً من أهل مكة خرج ليلاً فتبعه أبو بكر فجعل يمشي مرة أمامه، ومرة خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن يساره.
فقال له رسول الله: ما هذا يا أبا بكر ما أعرف هذا من فعلك؟
قال: يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك، ومرة عن يسارك؛ لا آمن عليك.
قال: فمشى رسول الله ليلته على أطراف أصابعه [حتى] حفيت رجلاه، فلما رآها أبو بكر أنها قد حفيت ((حمله على كاهله وجعل يشتد به حتى أتى به الغار فأنزله))، ثم قال: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فلم ير شيئا فحمله وأدخله.
وكان في الغار خرق فيه حيات وأفاعي فخشي أبو بكر أن يخرج منهن شيء يؤذي رسول الله فألقمه قدمه، ((فجعلت تضربنه أو تلسعنه الحيات والأفاعي وجعلت دموعه تنحدر))، ورسول الله يقول: ((يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا))، فأنزل الله سكينته إلا طمأنينة لأبي بكر، فهذه ليلته وأما يومه ................. الحديث.
قال ابن كثير: [وفي هذا السياق غرابة ونكارة].
قلت: هذا إسناد ضعيف جداً؛ فيه علتان:
الأولى: فرات بن السائب؛ قال البخاري: "منكر الحديث"، وقال ابن معين: "ليس بشيء"، وقال الدارقطني: "متروك"، وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث منكر الحديث"، وقال الساجي: "تركوه"، وقال النسائي: "متروك الحديث". انظر "لسان الميزان" (6/ 10 - 11/ 6603 - ط. دار الفاروق).
الثانية: عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي؛ لم أجد له ترجمة.
وقد ذكر هذه القصة الشيخ علي حشيش في سلسلة "تحذير الداعية من القصص الواهية"، الحلقة الأولى، وذلك ضمن عدد جمادى الأولى من "مجلة التوحيد المصرية" لعام 1421.
¥