قلت: فالظاهر أنه أخطأ في إسناد هذا الحديث أيضا فقال فيه .. عن سالم عن أبيه والصواب عن عامر بن سعد عن أبيه كما في رواية ابن أخزم و غيره، و قد قال الهيثمي في " المجمع " (1/ 117 - 118) بعد أن ساقه من حديث سعد: " رواه البزار و الطبراني في " الكبير " و رجاله رجال الصحيح ". (انتهى كلام الألباني رحمه الله)
على أننا بالرغم من حكم الشيخ الألباني رحمه الله تعالى على الحديث بالصحة لا يمكننا أن نغفل تعليل إمامين من جهابذة النقد لهذا الحديث وهما الدارقطني وأبي حاتم وقد تقدم قول الدارقطني وترجيحه الرواية المرسلة وهذه هي نفس العلة التي أعل بها أبي حاتم الحديث كما قال ابن أبي حاتم رحمه الله في العلل (2263):
" وَسَأَلْتُ أَبِي عَنْ حَدِيثٍ؛ رَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي نُعَيْمٍ الواسطي، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَيْنَ أَبِي قَالَ: فِي النَّارِ قَالَ: فَأَيْنَ أَبُوكَ قَالَ: حَيْثُ مَرَرْتَ بِقَبْرِ كَافِرٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ
فَقَالَ: كَذَا رَوَاهُ يَزِيدُ، وَابْنُ أَبِي نُعَيْمٍ، ولا أعلم أحداً يجاوز به الزهري غيرهما، إنما يروونه عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْمُرْسَلُ أَشْبَهُ "
فرجح أبي حاتم الإرسال كما في رواية معمر كما رجح ذلك الدارقطني رحمه الله.
ولكننا وعلى فرض ثبوت الحديث فإنه لا اختلاف بينه وبين الحديث موضوع بحثنا .. فالصحابي غير الصحابي والموقف غير الموقف .. والحديث موضوع بحثنا فيه زيادة علم لأن هذا الحديث لم ينكر فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم كون أبيه في النار.
رابعاً: هل من تعارض بين الحديث وبين الآيات سالفة الذكر؟
تنفي الآيات بعث رسول إلى العرب خاصة فالمراد نفي إرسال نذير يختص بهؤلاء ويشافههم .. ولكنها لم تنف مطلقاً أن تكون العرب قد بلغتهم بالتواتر أخبار الأنبياء وقد كان بينهم الأحناف على ملة إبراهيم عليه السلام فعابت عليهم الآيات ترك ملة إبراهيم التي كان عليها الأحناف بين ظهرانيهم وحادوا عنها إلى عبادة الأصنام والأحجار دون أن ينزل عليهم كتاب يحل لهم عبادة تلك الأصنام أو رسول يأمرهم بذلك.
ثم إنه وعلى قول القائل أن العرب من أهل الفترة فإن الحديث لا يتعارض مع الآية بل الحديث فيه تخصيص من عموم تلك الآية وهذا التخصيص لم نأت به من عند أنفسنا بل من عند رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى والواجب أن يقضي الخاص على العام لا العكس، فإن الحديث ليس فيه الحكم على العرب قبل بعثته صلى الله عليه وآله وسلم بالنار حتى نقول أنه يتعارض مع الآية، بل الحديث فيه الحكم على معينين بالنار.
ثم إن الحديث لا يحمل معنى الخلود في النار .. فيمكن أن يحمل على أنهما في النار الآن (أي في وقت الحديث) لفعلٍ فعلاه ثم يكتب الله لهما النجاة إذا أراد .. ومثل ذلك حديث المرأة التي دخلت النار في هرة حبستها .. فقد حمل بعض أهل العلم الحديث على أنها إن كانت مسلمة فهي تعذب في النار بهذا الذنب ولا يحمل كونها في النار على التخليد.
فمن هذه الوجوه أرى أنه لا تضاد بين الحديث والآيات .. والله تعالى أعلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[25 - 12 - 06, 03:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأكارم والمشايخ الأفاضل .. كان هذا هو البحث المختصر .. وإنني في انتظار تصويباتكم وملاحظاتكم وأرجو أن يكون الرفق هو سيد الموقف إن أخطأت ورحم الله رجلاً أهدى إلى عيوبي.
جزاكم الله خيراً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو محمود الراضي]ــــــــ[26 - 12 - 06, 10:31 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخوة الأكارم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك جملة حدث فيها خطأ غير مقصود في البحث وهي:
" فإن معمراً لم يرو الحديث الذي أراده الشيخ -والذي سأسوقه إن شاء الله- عن حماد بن سلمة "
والصواب:
" فإن معمراً لم يرو الحديث الذي أراده الشيخ -والذي سأسوقه إن شاء الله- عن ثابت "
وفي انتظار تصويباتكم وتعليقاتكم إخواني الكرام .. ومن كان عنده مزيد علم فليتصدق به على من لا علم له.
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أسامة بن صبري]ــــــــ[26 - 12 - 06, 11:45 ص]ـ
لما ذهبت إلى مصر لقي أخي أحد تلاميذ الشيخ أبي إسحاق الحويني
وتكلموا في مسائل عدة
فتكلموا عن مسألة: هل العرب من الجاهلية معذورون بالجهل؟
فأجاب تلميذ الشيخ الحويني: أن بعضهم معذورين وبعضهم ليسوا كذلك
واستدل باستئذان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ربه أن يستغفر لأمه -ومن رواة الحديث أبو هريرة- فلم يأذن له الله
فكأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لا يدري: هل هي معذورة بالجهل أم لا؟
والله أعلم
¥