ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 10 - 09, 02:34 ص]ـ
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً * وآفته من الفهم السقيم
ـ[أحمد داود]ــــــــ[08 - 10 - 09, 05:02 ص]ـ
أخي الفاضل .. وماذا يُسَمَّى بقاؤه حياً إلى قبيل قيام الساعة! قال ابن جرير الطبري في تفسيره (الأنبياء 34): ((يقول تعالى ذِكْرُه لنبيّه محمد r : وما خلَّدْنا أحداً مِن بني آدم يا محمَّد قَبْلَك في الدنيا فنخلَّدهم فيها! ولابدّ لك مِن أن تموت كما مات مِن قَبْلك رسلُنا)). اهـ
وقال ابن كثير في تفسيره (الأنبياء 34): ((وقد استَدلّ بهذه الآية الكريمة مَن ذهب مِن العلماء إلى أن الخضر عليه السلام مات وليس بِحَيٍّ إلى الآن، لأنه بشرٌ سواء كان ولياً أو نبياً أو رسولاً)). اهـ
وقال البغوي في تفسيره (الكهف 82) عن الخضر: ((وذهب آخرون إلى أنه ميّتٌ لقوله تعالى: "وما جعلنا لبشرٍ من قبلك الخلد"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما صلّى العشاء ليلةً: "أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإنّ على رأس مائة سنة منها لا يبقى مِمَّن هو اليوم حيّ على ظهر الأرض أحد". ولو كان الخضر حياً، لكان لا يعيش بعده)). اهـ
وقال ابن القيم (المنار المنيف ص52): ((وقال أبو الفرج ابن الجوزي: والدليل على أن الخضر ليس بباقٍ في الدنيا أربعة أشياء: القرآن، والسنة، وإجماع المحققين من العلماء، والمعقول. وأما القرآن، فقوله تعالى: "وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد"، فلو دام البقاء كان خالداً! وأما السنة، فذكر حديث: "أرأيتكم ليلتكم هذه؟ فإنّ على رأس مائة سنة منها لا يبقى على ظهر الأرض مِمَّن هو اليوم عليها أحد" ... إلخ)). اهـ
فأقول أخي الكريم: إذا لم يكن بقاءُ إنسانٍ حياً إلى قرب قيام الساعة خلوداً، ففيمَ استدلّ العلماءُ بقوله تعالى "وما جعلنا لبشرٍ مِن قبلك الخلد" على موت الخضر!
أخى الكريم
زادك الله علما و فهما
هل بقاء السيد المسيح عليه السلام حيا و موته قبيل الساعة يناقض الآية الكريمة؟
ـ[أحمد داود]ــــــــ[08 - 10 - 09, 05:07 ص]ـ
ثانياً: أما حديث الجساسة فلم يحتجّ به البخاريّ أيضاً ولا أخرجه في صحيحه، بل هو عنده مرجوح. قال ابن حجر (الفتح 13/ 340) في التعارض بين حديث الجساسة وأحاديث ابن صيّاد: ((ولشدّة التباس الأمر في ذلك، سلك البخاريُّ مسلك الترجيح، فاقتصرَ على حديث جابر عن عمر في ابن صيّاد، ولم يُخرج حديث فاطمة بنت قيس في قصة تميم)). اهـ
أخى الكريم
ما الإشكال فى أن يكون الصحابة قد ظنوا ابن صياد هو الدجال حتى علموا بقصة تميم الدارى؟
ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[08 - 10 - 09, 06:32 م]ـ
وكم من عائبٍ قولاً صحيحاً * وآفته من الفهم السقيم
الشيخ الفاضل محمد الأمين ..
شكر الله لك. ما ضرّك لو أبنْتَ عن سوء فهمي بأن تردّ على النقاط التي طرحتُها، فأستفيد ويستفيد غيري فتؤجر، بدلاً مِن هذا الغمز أكرمك الله.
- قالت فاطمة رضي الله عنها في حديثها إن تميماً وفد على النبي r بعد انقضاء عدّتها. فقلتُ: إن هذا مخالفٌ لما ثبت في الصحيحين عن وقت طلاقها. فإن كان فهمي سقيماً في هذه النقطة، فأرشدني إلى الصواب واستغفر لأخيك الأصغر.
- اضطربت الروايات: هل تميم نفسه هو الذي ركب البحر؟ أم بنو عم له؟ أم أناسٌ مِن قومه؟ أم ناسٌ مِن أهل فلسطين؟ أم رجل؟ فإن كنتَ لا تجدُ في الأمر اضطراباً، فنبّهني إلى توفيقك بين هذه الاختلافات.
- رددتُ على القول بنفي الغرابة والتفرّد عن حديث الجساسة، فقلتُ: إن متابعة أبي هريرة وعائشة وجابر رضي الله عنهم لا تصحّ لضعف مجالد وعدم الاحتجاج بالمحرر وللاضطراب في اسم الراوي عن عائشة ولاعتلال رواية جابر. فإن كان ما أوردتُه خطأ، فأوقفني على خلافِه حفظك الله.
- يقول ابن حجر إن البخاريّ رجّح أحاديث ابن صيّاد على حديث الجساسة، ولذلك لم يُخرجه في صحيحه. هذا كلام ابن حجر نفسه وليس كلامي. فإن كنتَ تجد فيه خطأ، فصحِّحه مأجوراً.
- حديث الجساسة معارضٌ لأحاديث ابن صيّاد كما نصّ على ذلك ابن حجر، وقال: إن الجمع بينهما بعيدٌ جداً! وقد حاول الجمع بينهما بأن حَمَله على عدم الاطلاع، وهو جواب بعيد لا سيّما وأن الصحابة احتشدوا في المسجد كما يقول حديث الجساسة وأخبرهم النبي هذه القصة الغريبة وهو على المنبر. فإن لم يسمعها هذا الصحابي أو ذاك، لأخبره بها الذين حضروا، ولكان انتشر خبرها وتناقلها الناس في شتّى أرجاء المدينة. فيبقى الإشكال قائماً.
- أن حديث الجساسة معارض للحديث الثابت عن النبي r " رأس مائة سنة"، فقد قاله النبي r قبل موته بشهر واحد، وهو مما أوحى الله به إليه. لأنه لو صحّ أنه r نقل قصة الجساسة عن تميم، فيكون نقله لها كتوقّفه r في أمر ابن صيّاد. إلى أن جاءه الوحي مِن الله في شأنه، كما جاء حديث "رأس مائة سنة" في آخر حياته، فيكون الحُكم لهذا الحديث الأخير.
- أن هذا الحديث إنما تفرّدت به فاطمة بنت قيس دوناً عن سائر الصحابة، ولم تُحدّث به إلاّ في خلافة معاوية كما ورد. وهي فضلاً عن تفرّدها بالحديث، روته مرسلاً. وفي تفرُّداتها رضي الله عنها مقال، فقد سبق وطعن في حديثها عائشة وعمر ومروان بن الحكم وسعيد بن المسيب، ولذلك لم يُخرج البخاريّ حديثها وأخرج ردَّ السيدة عائشة عليها.
فأمثالي مِن الذين يحبّون الصالحين وليسوا منهم إنما ينتظرون مِن أهل العِلم والحِلم أن يرشدوهم إلى الصواب وأن يقِيلوا لهم عثراتهم وأن يدعوا لهم بظهر الغيب.
وجزاك الله خيراً
¥