والله أعلى وأعلم
ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[06 - 11 - 09, 01:06 ص]ـ
الأخ أحمد وفقه الله
نحن وأنت في ملتقى أهل الحديث!
حيث لا هيبة لغير الحق، ولا سلطان إلا للدليل!
وما دمت ترمي الصحابة فمن بعدهم بالأوهام، فمن واجبنا أن نُظهرك على أوهامك!
ومن واجبك أن تخضع للحق، وأن تسلِّم للدليل!
أولاً:
أنت - أيها الفاضل - ما شرعت قلمك إلا لتوهين هذا الحديث من أي وجه يتيسَّر لك
ومن ذلك حكمك على الروايات: فهذه معلولة وهذه شاذة، وهذه ضعيفة ... إلخ
لا غرض لك من ذلك إلا توهين هذا الحديث!
وقلت في هذا السياق:
- قوله: ((فلما تأيمتُ)) تفرّد به الحسين المعلم، وهو باطل لأن زوجها لم يمت بل طلقها ثلاثاً كما هو مشهور، بل إنه رضي الله عنه شهد فتوح الشام في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. فالراوية مردودة لمخالفتها المحفوظ. ومِن عجبٍ أن يُدافع عنها العلماء رحمهم الله فيتكلّفوا تكلّفاً شديداً لتوجيه قوله: ((تأيمتُ))!
وختمت الكلام في هذا الجانب بقولك:
فظهر لك أن الرواة عن عامر الشعبي مختلفون في سياقة المتن، مضطربون في ألفاظه
فكيف تقول الآن:
لم أجد في كلامي ... أنني "احتججتُ" بهذا الخطأ لإسقاط "الحديث"! هذا متعلّق برواية ابن بريدة وأن الوهم مِن قِبَله فيها، وكنتُ في معرض الكلام على اختلافات المتون، لا أنني أردّ الحديث لهذه اللفظة!
أليس الكلام على اضطراب المتون جزءاً من الكلام على الحديث؟!
بلى!
فمن المكابرة أن تنكر احتجاجك باضطراب المتن على توهين الحديث!
ثانياً
لم أجد في كلامي ما تقول إنه "خطأ لغوي"
هي مكابرة أخرى منك، مع الأسف، لأن الخطأ اللغوي أوضح من الشمس في رابعة النهار!
لأنك تقول:
تأيمتُ: باطل لأن زوجها لم يمت بل طلقها ثلاثاً ... ومِن عجبٍ أن يُدافع عنها العلماء رحمهم الله فيتكلّفوا تكلّفاً شديداً لتوجيه قوله: ((تأيمتُ))!
فهذا القول يقتضي أن اللفظة ليس لها إلا معنى واحد: المتوفى عنها زوجها!
وأما إذا كانت تشمل المطلقة فقولك (باطل) خطأ مطلق!
وقد أوضحنا لك بالدليل الساطع أنها تشمل كل امرأة لا زوج لها
ثالثاً:
كلامك يوحي بأنني أوّل مَن استشكل هذا وأن المشكلة في فهمي أنا! ...
كيف وهذا ما قاله قديماً العلماء أيضاً أنّ منطوق رواية ابن بريدة أن زوجها مات عنها، ولا وجه لهذه الرواية إلا أحد أمرين: إما التوهيم وإما التأويل. ولو كان "الجهاد" و "الإصابة" و "التأيُّم" ليس فيها ما يشكل، ففيمَ رمَى العلماء هذه الرواية بالوهم؟!
يقول النووي في شرحه (10/ 95): ((وقوله "أنه طلقها" هذا هو الصحيح المشهور الذي رواه الحفاظ واتفق على روايته الثقات، على اختلاف ألفاظهم في أنه طلقها ثلاثاً أو البتة أو آخر ثلاث تطليقات. وجاء في آخر صحيح مسلم في حديث الجساسة ما يوهم أنه مات عنها، قال العلماء: وليست هذه الرواية على ظاهرها، بل هي وهم أو مؤوَّلة)). اهـ وقال ابن حجر: ((وهذه الرواية وهم)). اهـ هذا أكرّره حتى لا يُظنّ أن هذا الاستشكال وليد فهمي القاصر كما تفضلتَ، وإلاّ فكلامك بهذا منسحب على العلماء الذين استشكلوا رواية ابن بريدة أيضاً!
ولو كانت إصابة الزوج في الجهاد وتأيُّم زوجته ليس له علاقة بموت الزوج، فلماذا لجأ العلماء إذن إلى تأوُّل اللفظ؟ وهل تُتأوَّل الألفاظ إلاّ إذا أُشكِلَتْ ظواهرها!
بلى يا أيها الفاضل، أنت أوّل مَن استشكل هذا والمشكلة في فهمك أنت!
وهذه عبارتك أعلاه، مرة أخرى:
ومِن عجبٍ أن يُدافع عنها العلماء رحمهم الله فيتكلّفوا تكلّفاً شديداً لتوجيه قوله: ((تأيمتُ))!
العلماء لم يستشكلوا (تأيمت)، ولم يتكلفوا لتوجيهها، بل استشكلوا (أصيب)!
وهذه عبارة النووي لا تترك مجالاً للشك ولا التأويل:
مَعْنَى (تَأَيَّمْت) صِرْت أَيِّمًا، وَهِيَ الَّتِي لَا زَوْج لَهَا. قَالَ الْعُلَمَاء: قَوْلهَا: (فَأُصِيبَ) لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ قُتِلَ فِي الْجِهَاد مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأَيَّمْت بِذَلِكَ، إِنَّمَا تَأَيَّمْت بِطَلَاقِهِ الْبَائِن كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِم فِي الطَّرِيق الَّذِي بَعْد هَذَا، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي كِتَاب الطَّلَاق، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي جَمِيع كُتُبهمْ. وَقَدْ اِخْتَلَفُوا فِي وَقْت وَفَاته فَقِيلَ: تُوُفِّيَ مَعَ عَلِيّ بْن أَبِي
¥