تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أحمد الأقطش]ــــــــ[09 - 11 - 09, 02:06 ص]ـ

إشكالات قصة الجساسة

كان النقاش يدور حول تفرّد فاطمة بنت قيس، واختلاف المتون في روايات الشعبي، واختلاف حديث الشعبي وحديث أبي سلمة هل تميم نفسه ركب البحر أم نقل القصة عن رجل. ولم نتعرض لقصة الجساسة نفسها إلا في مسألة كون الدجال حياً إلى آخر الزمان، ومخالفة ذلك للكتاب والسنة. وفيما يلي نتناول الكلام في إشكالات القصة.

دجّالُ الجسّاسةِ غيرُ مطابقٍ للدجّال المنتظَر

إن أوصاف الدجال المذكورة في قصة الجساسة ليست هي نفسها الأوصاف التي أخبر بها النبيّ صلى الله عليه وسلّم. وبيان ذلك كالتالي:

- الدجّال شاب ودجّال الجساسة شيخ: لِمَا أخرجه مسلم (2937) من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم: ((إنه شاب قطط عينه طافئة)) الحديث، أخرجه أحمد (17666) وابن ماجه (4075) والترمذي (2341) والنسائي (10783). بينما هو شيخٌ كما في رواية أبي الزناد عن الشعبي التي أخرجها مسلم والطبراني وابن منده: ((فإذا شيخ مربوط بسلاسل))، وكذا في بعض روايات مجالد، وعند الباقين: ((رجُل)). قال ابن حجر (الفتح 13/ 338) في معرض كلامه عن ابن صياد: ((إذ كيف يلتئم أن يكون مَن كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم ويجتمع به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم ويسأله، أن يكون في آخرها شيخاً كبيراً مسجوناً في جزيرة مِن جزائر البحر موثقاً بالحديد يستفهم عن خبر النبيّ صلّى الله عليه وسلم هل خرج أو لا؟!)). اهـ

- الدجّال عاديّ الحجم ودجّال الجساسة عملاق مهول: الأحاديث صريحة في أن الدجّال مِن بني آدم، وحجمُه عاديّ بل أقلّ مِن العاديّ. لِما أخرجه البخاري (3256) ومسلم (169) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((جعد قطط)) الحديث، والجعد تُطلَق على الرَّجُل وعلى شَعْرِه. قال النووي في شرحه (2/ 235): ((وقال الهروي: الجعد في صفات الرجال يكون مدحاً ويكون ذماً. فإذا كان ذماً فله معنيان: أحدهما القصير المتردّد، والآخر البخيل)). اهـ قلتُ: وهو عَينُه في لسان العرب. وقد أخرج أحمد (22816) وأبو داود (4320) من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((رجل قصير أفحج)) الحديث. وهو على قِصَرِه ممتلئ الجسم كما وقع في نفس حديث ابن عمر من طريق الزهري عن سالم: ((جسيم)). فهذا الحَجْم عاديّ بين بني آدم. بينما دجَّالُ الجسّاسة عملاق جحمُه أضخم ما يكون، كما في رواية ابن بريدة: ((أعظم إنسان رأيناه قطّ خَلْقاً))!!

- خروج الدجَّال من المشرق ودجَّالُ الجساسّة في البحر المتوسط: لما أخرجه البخاري (6680) ومسلم (2905) في باب الفتنة من المشرق من حديث ابن عمر مرفوعاً: ((ألا إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان)). وفي حديث النواس بن سمعان عند مسلم: ((وإنه خارج خلة بين الشام والعراق)). وأخرج مسلم (2944) من حديث أنس مرفوعاً: ((يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفاً عليهم الطيالسة)). بينما دجّال الجساسة في البحر المتوسط، ويؤخذ مِن رواية ابن بريدة عند مسلم أن السفينة تاهت في البحر شَهراً باتجاه الغرب حتى رَسَت على هذه الجزيرة: ((فلَعِبَ بهم الموج شهراً في البحر، ثم أرفؤوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس) وعند الطبراني: ((حيث مغرب الشمس))!!

- الدجّال قصير الشعر ودجّالُ الجساسة يجرّ شعرَه: لِما أخرجه الشيخان من حديث ابن عمر السابق: ((جعد قطط)) بحَمل الجعْد على الشَّعر كما وقع في رواية ((جعد الرأس) ثم معنى القطط: شديد الجعودة. قال في اللسان (قطط): ((والقطط: شعر الزنجي .. وشعر قط وقطط: جعد قصير .. وجعد قطط: أي شديد الجعودة)). اهـ وأخرج مسلم (2934) من حديث حذيفة رضي الله عنه: ((جفال الشعر)) أي كثيفه. فهو كهيئة الحبش والزنوج شعره مجعّد مفلفل، بخلاف السبط المسترسل. بينما في حديث أبي سلمة: ((فإذا رجل يجرّ شعره))!!

بقاء الدجال حياً مخالف للكتاب والسنة

القول بأنّ الدجّال حيٌّ يُرزَق مِن قَبْل زمان النبي صلى الله عليه وسلم حتى آخر الزمان معارضٌ للنصوص الصريحة في القرآن الكريم وما صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلّم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير