تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والكفر كقوله: {والله لا يهدي القوم الكافرين} [التوبة/ 37]، وفي أخرى {الظالمين} [التوبة/109]، وقوله: {إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} [الزمر/3] الكاذب الكفار: هو الذي لا يقبل هدايته؛ فإن ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعا لذلك، ومن لم يقبل هدايته لم يهده، كقولك: من لم يقبل هديتي لم أهد له، ومن لم يقبل عطيتي لم أعطه، ومن رغب عني لم أرغب فيه، وعلى هذا النحو: {والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة/109] وفي أخرى: {الفاسقين} [التوبة/80] وقوله: {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا إن يهدى} [يونس/35]، وقد قرئ: {يهدي إلا أن يهدى} (قرأ حمزة والكسائي وخلف يهدي) أي: لا يهدي غيره ولكن يهدي.

أي: لا يعلم شيئا ولا يعرف أي لا هداية له، ولو هدي أيضا لم يهتد؛ لأنها موات من حجارة ونحوها، وظاهر اللفظ أنه إذا هدي اهتدى لإخراج الكلام أنها أمثالكم كما قال تعالى: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} [الأعراف/194] وإنما هي أموات، وقال في موضع آخر: {ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون} [النحل/73]، وقوله عز وجل: {إنا هديناه السبيل} [الإنسان/3]، {وهديناه النجدين} [البلد/10]، {وهديناهما الصراط المستقيم} [الصافات/118] فذلك إشارة إلى ما عرف من طريق الخير والشر (مجاز القرآن 2/ 299)، وطريق الثواب والعقاب بالعقل والشرع وكذا قوله: {فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة} [الأعراف/30]، {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص/56]، {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [التغابن/11] فهو إشارة إلى التوفيق الملقى في الروع فيما يتحراه الإنسان وإياه عنى بقوله عز وجل: {والذين اهتدوا زادهم هدى} [محمد/17] وعدي الهداية في مواضع بنفسه، وفي مواضع باللام، وفي مواضع بإلى، قال تعالى: {ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم} [آل عمران/101]، {واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} [الأنعام/87] وقال: {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع} [يونس/35] وقال: {هل لك إلى أن تزكى * وأهديك إلى ربك فتخشى} [النازعات/18 - 19].

وما عدي بنفسه نحو: {ولهديناهم صراطا مستقيما} [النساء/68]، {وهديناهما الصراط المستقيم} [الصافات/ 118]، {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة/6]، {أتريدون أن تهدوا من أضل الله} [النساء/88]، {ولا ليهديهم طريقا} [النساء/168]، {أفأنت تهدي العمي} [يونس/43]، {ويهديهم إليه صراطا مستقيما} [النساء/175].

ولما كانت الهداية والتعليم يقتضي شيئين: تعريفا من المعرف، وتعريف من المعرف، وبهما تم الهداية والتعليم فإنه متى حصل البذل من الهادي والمعلم ولم يحصل القبول صح أن يقال: لم يهد ولم يعلم اعتبارا بعدم القبول، وصح أن يقال: لم يهد ولم يعلم اعتبارا بعدم القول، وصح كذلك صح أن يقال: إن الله تعالى لم يهد الكافرين والفاسقين من حيث إنه لم يحصل القبول الذي هو تمام الهداية والتعليم، وصح أنه يقال: هداهم وعلمهم من حيث إنه حصل البذل الذي هو مبدأ الهداية. فعلى الاعتبار بالأول يصح أن يحمل قوله تعالى: {والله لا يهدي القوم الظالمين} [التوبة/109]، {والكافرين} [التوبة/37] وعلى الثاني قوله عز وجل: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت/17] والأولى حيث لم يحصل القبول المفيد فيقال: هداه الله فلم يهتد، كقوله: {وأما ثمود} الآية، وقوله: {لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء} إلى قوله: {وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله} (الآيتان: {لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم * وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كانت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله}) [البقرة/142 - 143] فهم الذين قبلوا هداه واهتدوا به، وقوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة/6]، {ولهديناهم صراطا مستقيما} [النساء/68] فقد قيل: عني به الهداية العامة التي هي العقل، وسنة الأنبياء، وأمرنا أن نقول ذلك بألسنتنا وإن كان قد فعل ليعطينا بذلك ثوابا كما أمرنا أن نقول: اللهم صلى على محمد وإن كان قد صلى عليه بقوله: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} [الأحزاب/56] وقيل: إن ذلك دعاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير