تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أعدوه من حطب وقود للنار، فأبطل الله فعلهم.

ومن ها هنا قلنا في بحثنا السابق في الإرادات إن الفعل الإرادي يحتاج إلى ثلاثة عناصر السبب القدرة الاستطاعة ولا يطلق على أي فعل كلمة (إرادة) ولا تصح هذه الكلمة عربياً ما لم تكن بهذا الشكل و بينا هذا في بحث الإرادات في قصة العبد الصالح وسيدنا موسى لمن يريد المزيد.

فكلمة أراد مصدرها يريد فكلما جاءت أراد فاعلم أن مصدرها سبب وهو يريد؛ مثال ... عندما فسر العبد الصالح لسيدنا موسى عليه السلام قصة خرق السفينة قال {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً} (الكهف: 79) فذكر السبب مقدماً و القصد من الفعل وهو خرق السفينة كون السفينة لمساكين يعملون عليها ووجود الملك الغاصب، والفعل كإرادة قائم بالقدرة وأثرها الخرق الظاهر على هيكل السفينة، و الاستطاعة العلم وأثرها ظاهر مقدماً في علم العبد الصالح بانصراف عين الملك الغاصب عنها حال وجود الخرق على هيكل السفينة، وكل من ينتقل من المطلب يريد إلى الفعل أراد من الضروري إن يتوفر عنده الشرطان القدرة و الاستطاعة لكي يطلق عليه كلمة أراد فالفعل له ثلاثة أوجه إما أن يكون فعل إرادي يتكون من السبب و القدرة و الاستطاعة و إما أن يكون فعل عبث يتكون من القدرة و الاستطاعة و إما أن يكون فعل هم يتكون من السبب و القدرة، وهذه الثلاثة آيات تبين الأفعال الثلاثة قوله عز وجل {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} قوله عز وجل {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} قوله عز وجل {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا}.

شاء و يشاء:-

شاء:- هذا يطلق على تكييف نوع الفعل بما يتناسب مع السبب العمومي مثال قول الله عز وجل {فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً} (الكهف: 77) ولم يقل له (لو أردتَ لاتخذت عليه أجراً) لأنه يعرف سبب إعادة بناء الجدار و القصد وذلك لوجود التشقق الظاهر عليه و انه أوشك علي السقوط وقال له (لو شئت) أي تكييف الفعل بأن تتخذ عليه مقابلاً لان للفعل عدة وجوه ممكن أن تتخذ عليه.

قول الله عز وجل {وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (النحل 93) أي انه حال أراد خلقنا لو شاء الله في الكيفية التي نكون عليها لجعلنا امة واحدة مجتمعين على الهدى ولكن جعلنا مخيرين يهدي من يشاء ويضل من يشاء.

يشاء:- مشتق من شاء يشاء هذا يطلق على تطبيق الفعل بعد تكيفه كمّاً و كيفاً بما يتناسب مع السبب العمومي مثال قول الله عز وجل {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (آل عمران: 6) ابتداءً الله يريد خلق عبادًا، عندما أراد خلق العباد، في الكيف شاء الله أن يجعل للعباد صوراً، وعند تطبيق الفعل يصور كيف يشاء كماً و كيف مع ما يتناسب مع هيئة العباد وهذا التسلسل المنطقي للفعل الإرادي و المشيئة وهي لا تخرج عن هذا النسق.

مثلا ... في قول الله عز وجل {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} (الشورى: 49) والسماوات و الأرض جعلها الله وعاء لجميع المخلوقات وقوله عز وجل (يخلق ما يشاء) يعني بالتنوع في المخلوقات كماً و كيفاً و فعل المشيئة التنوع يتناسب مع السبب العمومي وممتد منه وهو كون الله تعالى أراد إيجاد العالمين، و في الكيف شاء أن يكون خلقه متنوع، وفي تطبيق الفعل ينوع خلقه كيف يشاء كماً و كيفاً، وليس إرادة منفصلة جديدة لذلك جاء التصنيف بعد هذه الآية قوله عز وجل {يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً} (الشورى: 49) تكلم عن التنوع في الإنسان و ختم الآية بقوله عز وجل انه (عليم قدير) و كونه عليم إشارة إلى الاستطاعة و كونه قدير إشارة إلى القدرة وهما الشرطان الذي يقوم عليهم الفعل الإرادي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير