تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عليها خلقته التي ألزم فيها هذا الإحساس و الميل إلى البحث عن أصل المنشأ.

والحديث، حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلي الله عليه وسلم (كلُّ مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه وينصرانه كما تناتج الإِبل من بهيمة جمعاء، هل تحسُّ من جدعاء)، قالوا، يا رسول اللّه، أفرأيت من يموت وهو صغير، قال، (اللّه أعلم بما كانوا عاملين).

وقوله صلي الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة أي على ما ابتدأ الله خلقه عليه وفيه إشارة إلى قوله تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها والمعنى أن كل أحد لو ترك من وقت ولادته وما يؤديه إليه نظره لأداه إلى الدين الحق وهو التوحيد ويؤيده قوله تعالى قبلها فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله واليه يشير الحديث.

من هذا المنطلق كون الإنسان فطره الله تعالى على التوحيد منذ خلقه الله يولد وهو يحمل بين جنبيه البحث عن الإله و الخالق المبدع لهذا الكون والمنعم الذي يؤول إليه الصنيع كله لكي يؤلهه ويشكر المنعم على نعمته عليه و يستعين به على شؤون حياته، فهذا يعتبر مطلب من مطالب الفطرة التي فطر الله الناس عليها كما قال عز وجل {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} (الزخرف: 9).

وكل عبد من عباده يبحث عن هذا الشيء بفطرته فهو مريد والله تعالى عندما قال {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} أشار إلى هذا بقوله (كذلك) بهذه الكيفية آيات بينات لكي يهدي الله من يريد الهداية من عباده، هناك من عباد الله من صدق و آمن بالرسالة و الرسول المرسل من الله تعالى و اتبع الفطرة التي فطره الله عليها وهناك من كفر و فسق وجحد فطرته كما قال الله عز وجل {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ} (البقرة: 99)

من اتبع الفطرة و آمن من عباد الله أصبح عنده إيمان بالله وتصديق برسالته ورسوله وأراد أن يعبد الله و شاء أن يستقيم، أنزل الله تعالى منهج تشرعي بمشيئته هو لكي يعبد به فقال عز وجل {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} هكذا ابتداءً يريد الله عباداً يعبدونه، فعندما أراد الله خلق عباداً لعبادته، في كيفية العبادة شاء الله أن يعبد بهذا التشريع الذي اختاره وهو الآيات المبينات التي انزلها على رسوله في قوله عز وجل {رَّسُولاً يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً} (الطلاق11) يتلو عليكم آيات الله مبينات أي يخذها من المصدر الوحي إلى العباد ويبينه قولاً و تطبيق وهذا ما عنى الله بقوله عز وجل في كتابه العزيز {اِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ .. ِلمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ .. وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (التكوير: 29) فمشيئة العبد في نوع الاستقامة كيفاً و كماً محكومة بمشيئة الله على حد قوله عز وجل {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الإنسان: 30) فأثبت للعباد مشيئة الاستقامة بقوله {مَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ} لكن في الكيف والكم مقيدة بمشيئته تعالى بقوله {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وهو الحكيم في شرعه وقدره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير