والعجب أن شارح أرجوزة ابن بري في قراءة نافع حكى ذلك عن الداني، وإنما حكى الداني ذلك في الميم الساكنة لا المقلوبة واختار مع ذلك الإخفاء.)).
قلتُ: والمرادي من متأخري المغاربة لعله أراد الإظهار في القلب بقوله: والذي يظهر أن النون الساكنة إذا أبدلت قبل الباء أعطيت حكم الميم الأصلية إذا وقعت قبل الباء. ا. هـ
وإمام آخر من أئمة المغاربة المتأخرين هو الإمام عبد الواحد بن محمد بن علي بن أبي السداد، أبو محمد المالقي (ت 705هـ) قال في كتابه: شرح التيسير للداني، المسمى: الدر النثير والعذب النمير، وهو يتحدث عن قلب النون الساكنة والتنوين ميماً قبل الباء: " لا خلاف في لزوم القلب في جميع هذه الأمثلة وما أشبهها، وحقيقة القلب هنا: أن تلفظ بميم ساكنة بدلاً من النون الساكنة، ويُتَحَفَّظُ من سريان التحريك السريع، ومعيار ذلك: أن تنظر كيف تلفظ بالميم في قولك: الخَمْر والشَّمْس، فتجد الشفتين تنطبقان حال النطق بالميم، ولا تنفتحان إلا بالحرف الذي بعدها، وكذا ينبغي أن يكون العمل في الباء، فإن شرعت في فتح الشفتين قبل تمام لفظ الميم، سرى التحريك إلى الميم، وهو من اللحن الخفي الذي ينبغي التَّحَرُّزُ منه، ثم تلفظ بالباء متصلة بالميم، ومعها تنفتح الشفتان بالحركة، وَلْيُحْرَزْ عليها ما تستحقه من الشدة والقلقلة " 449
فلا تجد المالقي ذكر الغنة مع القلب في هذه العبارة إنما يوضح كيف تقلب النون ميما، بينما قال عند ذكره للإخفاء في النون الساكنة والتنوين: ( .. وقد فسر الحافظ رحمه الله الإخفاء بأنه حال بين الإظهار والإدغام وهو عار عن التشديد.
وحقيقة ما أراد الحافظ: ألا تلصق طرف لسانك بما يقابله من مقدم الفم وتبقي الغنة في الأنف ... )) 452
فعند القلب لم يذكر الغنة وذكرها عند الإخفاء فدل ذلك علي المغايرة عنده في الحكم، بل قال" ثم تلفظ بالباء متصلة بالميم" ولم يذكر أن هذا الاتصال يفصل بينهما بغنة، وهو ما قاله ابن الجزري: وما وقع في كتب بعض متأخري المغاربة من حكاية الخلاف في ذلك فوهم).
ومع فرض أنه أراد القلب علي حقيقته ـ أي مع الغنة ـ فقد ظهر أن هذا من مذهب المغاربة خلطوا بين المذهبين مذهب الإظهار ومذهب الإخفاء. وهو ما عبر به المرادي " أما الغنة فقد نص مكي على أن النون الساكنة إذا أبدلت ميما فالغنة لابد من إظهارها"
ومن المعلوم أن مذهبهم في الميم الساكنة عند الباء الإظهار، لأن المرادي قال: (و أما الإخفاء ففيه نظر) ثم قال: والذي يظهر أن النون الساكنة إذا أبدلت قبل الباء أعطيت حكم الميم الأصلية إذا وقعت قبل الباء. ا. هـ ولذا أعطوا حكم القلب حكم إخفاء الميم الصريحة وهذا يظهر في قوله " أن النون الساكنة إذا أبدلت قبل الباء أعطيت حكم الميم الأصلية إذا وقعت قبل الباء" وهذا يؤكد ما قاله ابن الجزري في متأخري المغاربة.
ثم جاء مَن خلط بين المذهبين فقرأ بميم صريحة ثم صاحبها بالغنة ومن هنا ظهرت القراءة بالإطباق.
والذي يقوِّي هذا الوجه ما ذكره الجعبرى رحمه الله فى منظومتة (حدود الإتقان فى تجويد القرآن) و قد حققه الأخ جمال السيد رفاعى فى كتابه (مجموعة من المتون و المهمات فى التجويد و القراءات و الرسم و عد الأيات) الناشر مكتبة الإيمان القاهرة ت 3452302 ووضع فى الكتاب 24 متنا من متون القراءات المختلفة و ذكر المحقق داخل الكتاب أن متن حدود الإتقان حققة محمد محفوظ و طبع بدار الغرب الإسلامى ببيروت.
((وقد جاءني بالدليل الشافى الكافى على وجوب الفرجة الشيخ محمود عبد الرحمن الحسينى حفظه الله وقال: إنه وجد فى مخطوطة للجعبرى رحمه الله يقول فيه (لاطباق اتقيا) فلم أصدق لأول وهلة أن ينفى الأطباق بهذا التصريح , ذلك مع ثقتى فى أخينا الشيخ محمود حفظه الله فهو من الشيوخ أصحاب الهمه العالية و الخبرة فى مسألة البحث فى المخطوطات و قد حقق من قبل (المنظومه فى طريق الإمام ورش من أصول و فرش) للعلامة سليمان الجمزورى و كذلك له أبحاث مفيدة بارك الله فيه.ثم أخبرني بأن المتن مطبوع))
¥