تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فوافق الأب، فكان هذا العامل عنده مساعداً له، فكان الشيخ يذهب ويجيء، وبعد سنين قال له الشيخ: بإمكانك أن تستقل بعملك] فذهب وفتح له محلاً.

ولم يكتف الشيخ بالمكتبة الظاهرية فاحتاج إلى شراء كتب، فاتجه إلى مكتبات تجارية مهمة في ذلك الوقت مثل: المكتبة العربية الهاشمية، ومكتبة القصيباتي، وغيرها، فكان يستعير منها، ويقرأ ويشتري على قدر طاقته.

وكان له في كل شهر من خمس إلى ستة أيام سفر دعوي إلى بلدٍ آخر، فيذهب مع المقربين من تلاميذه للدعوة، فينزلون عند أحد الطلاب أو الإخوان في ذلك البلد، ويعقد المجالس العلمية، ويأتي إليه الناس من تلك البلد، فيعلم، ويشرح، ويقرأ، ويفتي، ويناظر؛ فكان شيخ علم ودعوة.

وبعض الشباب قد يعكف على الطلب وعلى القراءة، ولكنه لا يزكي ما حصّل، فإذا أراد الإنسان أن يكون مؤثراً فلا بد أن يكون عنده نصيب في الدعوة.

الألباني والورقة الضائعة:

في يوم من الأيام أراد الشيخ أن ينسخ كتاباً لابن أبي الدنيا، وكان به مرض، فاكتشف في المخطوطة ورقة مفقودة، وكان قد أشار عليه الأطباء ونصحوه بالراحة؛ لأن وضعه في هذه القراءة قد أصابه بالمرض، فلما رأى هذه الورقة الضائعة عكف على عمل فهرسة لمخطوطات المكتبة الظاهرية كلها، وهذا جهد عظيم جداً، ولعلهمتعب أكثر من قضية الفتح، والقراءة في مخطوطات معينة، وحصلت المكتبة الظاهرية على مخطوطة بيد الألباني وكانت عبارة عن فهرسة لسائر المخطوطات الموجودة من الآلاف المؤلّفة في هذه المكتبة، وهذا يدل على جلد وصبر الشيخ، فعمل فهرسة لمكتبة عتيقة، مكدسة فيها هذه المخطوطات والكتب.

الألباني مع طلابه:

لما انطلق الشيخ للدعوة كان له تلاميذ من الخواص، وكان له عامة يدرسهم، وكان من الكتب التي درسها زاد المعاد يقرأ مقطعاً ويعلق عليه، وكان يمتد الدرس قرابة الساعة، ثم نصف ساعة للأسئلة، ثم طلبوا منه شرح / الروضة الندية في شرح الدرر البهية، فشرحها. ثم شرح / الترغيب والترهيب، ثم درس / الباعث الحثيث، وبعضاً من كتاب / اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية -رحمه الله- وكان لا يلقي عليهم حديثاً إلا بعد أن يتأكد من صحته. ثم وقف شقة خاصة لإلقاء الدروس فكانت تمتلئ بالزائرين. وكان يخرج مع بعض طلابه في رحلاتهم فيؤم بهم في الصلاة، كما كان يؤم بعدد من الدعاة المشتهرين بالدعوة؛ ولكنهم مالوا إلى الشيخ في طريقته العلمية.

يقول الشيخ محمد عيد العباسي من أقرب تلاميذ الشيخ: [تركنا غيره لسماحته في النقاشات، وفي الخمسينيات الميلادية والستينيات؛ كنا نصبر معه من الساعة الثانية عشرة ليلاً في نقاشات علمية، وليس جدلاً وإنما لنقتنع ونفهم، ونرد على شبهات المخالفين، وكان مقر الدرس في حي الشهداء، وكثيراً ما يرجع إلى الكتب أثناء النقاشات].وهذه قضية مهمة، وهي أن بعض الشباب إذا تناقشوا في مجلس نقاشات علمية، فيغرقون في الجدل بآرائهم وخلفياتهم التي كثيراً ما تكون خاطئة، ولا يكلفون أنفسهم بسحب الكتاب من الرف والقرأة منه، ولذلك ينبغي أن يكون في مجالس النقاشات رجوعا عند الاختلاف لكتب العلماء؛ بدلاً من الجدل على غير أساس.

وقال أحد تلاميذه: [كنا ندخل عليه في المكتبة الظاهرية في الستينات فنجده منكباً على الكتب، وكان يقول وقت الغداء: إيت لي معك بحمص فيكتفي بلقم ويعود إلى العمل، ويتابع من الثامنة والنصف صباحاً، وينتهي وقت دوام المكتبة الواحدة والنصف ظهراً، ثم يذهب الموظفون لفترة الغداء، ويرجعون وقت العصر، وهو لا يذهب وإنما يجلس في المكتبة، يقرأ ويكتب إلى التاسعة مساءً وهو مستمر في الجلوس]، يعني يقرأ ويطلع اثني عشرة ساعة يومياً؛ فهذا الجلد الذي نريد من الشباب أن يتأثروا به، وكان قد خصص يومين لطلب الرزق في الدكان والباقي في المكتبة الظاهرية، وكان متقناًَ في تصليح الساعات، ومخلصاً فلا يغش ولا يخدع، فكان الزبائن يقصدونه، لأمانته ومع ذلك يضحي بالزبائن، ولا يفتح المحل في هذه الأوقات الطويلة؛ لأنه مشغول بطلب العلم.ويقول الشيخ عيد: كنا نسافر معه إلى المدن في سيارته، وكان معنا من تلاميذه أيضاً محمود الجزائري، ويأبى الشيخ إلا أن يدفع نفقات السفر، ويقول: دعوها تكون خالصة لله، فكنا نحاول أن ندفع فيعزم علينا إلا أن يدفع هو].

لقاءته بالعلماء وثنائهم عليه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير