لقد حاول، وما يزال يحاول المسلمون اثبات ان القرآن كلام الله، تارة بفكرة التعجيز القرآني، وتارة بمعجزات محمد (مع ان القرآن واضح بتعجيز صاحب الناقة عن كل معجزة)، وتارة بالحديث الإسرائيلي المدسوس على المسلمين، وتارة بأنباء الغيب التي كانت معروفة قبل أيام محمد، وتارة بأساطير الأولين، وتارة بأسماء القرآن مع أنها مأخوذة من الذكر الحكيم (تبعنا)، وتارة بسيرة محمد (القدسية) رغم استغفار محمد لذنبه، وتارة بقوة محمد الجنسية، الخ الخ، مع ان الصحيح، ان هناك معجزة وحيدة لمحمد لم يستطع أي نبي او رسول ان يصطنع مثلها، وهي معجزة الحديد الذي به بأس شديد ومنافع للناس، بعد ان فشلت الدعوة بالحسنى والموعظة الحسنة!
وبلغة أصعب بعض الشيء: المسلمون يقولون ان القرآن كلام الله، كما يقول في أيامنا عبد الكريم الخطيب (إعجاز القرآن 1: 340): " إن القرآن، وهو كلام الله، لا يمكن أن يوازن به كلام، فهو لهذا معجز في ذاته ".
وقد رد هذه المقالة (التي هي مقالة معظم المسلمين) نفس المسلمين، مثل مصطفى صادق الرافعي (إعجاز القرآن ص 164): " قال (ابن حزم): " وهذا برهان كاف لا يحتاج إلى غيره" – نقول: بل هو فوق الكفاية، وأكثر من أن يكون كافيا أيضا، لأنه لما قاله ابن حزم وجعله رأيا له، أصاره كافيا لا يحتاج إلى غيره ... وهل يُراد من اثبات الإعجاز للقرآن، إلاّ إثبات أنه كلام الله تعالى"؟ يعني ان منطق المسلمين منطق معكوس. إنهم يثبتوا ما يُراد إثباته بدون برهان!!!!
وبلغة القرآن المبينة، نعيد ما نطالب ويطالب به الجميع إلى هذا اليوم، ما هي معجزة محمد التي تثبت بها الادعاء ان القرآن كلام الله؟
عودة
نشر في جريدة البيان: -11 - 01 00:12:0 2004 Uae
الاعجاز البياني
لم يجعل له عوجاً
قال الله تعالى: «الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً. قيماً لينذر بأساً شديداً من لدنه ... » الكهف/ 1 ـ 2.وصف الله تعالى، في هاتين الآيتين الكريمتين، الكتاب بصفتين: الأولى: هي قوله تعالى: «ولم يجعل له عوجاً». والثانية: هي قوله تعالى: «قيماً»، والأولى نفي، والثانية إثبات.
والأولى اشارة إلى كون هذا الكتاب كاملاً في ذاته، لأن نفي العوج عنه يعني أنه مستقيم في ألفاظه ومعانيه، صادق في أخباره، عدل في أحكامه، سالم من جميع العيوب، لأن «عوجاً» نكرة في سياق النفي، فهي تعم نفي جميع أنواع العوج .. وأما الصفة الثانية فهي إشارة إلى كون هذا الكتاب مكملاً لغيره، لأن «القيم» عبارة عن القائم بمصالح الغير، كما قال الرازي، خلافاً لمن ذهب إلى أن معنى كونه قيماً هو عبارة عن انتقاء العوج عنه، وأنه بدل من قوله:
«ولم يجعل له عوجاً»، أو أنه حال من الكتاب وأن في الآية تقديماً وتأخيراً، والأصل: «أنزل على عبده الكتاب قيماً. ولم يجعل له عوجاً. والصواب ما ذهب إليه الرازي. وعليه يكون المراد من قوله: «قيماً»: أنه قيم بمصالح العباد الدينية والدنيوية. ولهذا جاء مكملاً لقوله تعالى: «ولم يجعل له عوجاً» الذي دل على أانه كامل في ذاته.
قال الرازي: «وكونه كاملاً في ذاته متقدم بالطبع على كونه مكملاً لغيره، فثبت بالبرهان العقلي أن الترتيب الصحيح هو ما ذكره الله تعالى. وأما القول بأن في الآية تقديماً وتأخيراً ففاسد يمتنع العقل من الذهاب إليه».
ونظير ذلك ـ كما قال الرازي ـ قوله تعالى: «ذلك الكتاب لا ريب فيه» البقرة /2 ـ فقوله «لا ريب فيه»، إشارة إلى كونه بالغاً في الصحة وعدم الإخلال إلى حيث يجب على العاقل ألا يرتاب فيه، وقوله: «هدى للمتقين»، إشارة إلى كونه سبباً لهداية الخلق، وإكمال حالهم. فقوله تعالى: «ولم يجعل له عوجاً»، قائم مقام قوله: «لا ريب فيه»، وقوله تعالى: «قيماً» قائم مقام قوله: «هدى للمتقين».
وعلى ما تقدم يكون قوله تعالى: «لم يجعل له عوجاً»، في موضع نصب على الحال من الكتاب، وقوله تعالى: «قيماً» إما حال ثانية من الكتاب، وإما مفعول به لفعل محذوف، قدره الزمخشري بقوله: «ولم يجعل له عوجاً، وجعله قيماً». وروى انه جاء في بعض مصاحف الصحابة:
¥