تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو عمار المليباري]ــــــــ[02 Jul 2005, 05:02 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين: قرأت رد الأخ الفاضل / محمد يحيى شريف الجزائري حول موضوع إطباق الشفتين حال الإخفاء الشفوي أو الإقلاب مع عبارة الإمام القرطبي.

أقول: إن سبب تقييدي لعبارة القرطبي بالإدغام هو قوله: (لأنّ لفظها لا يزول ولفظ النون قد يزول ... ). وذلك لأن ذات النون لا تزول في حالة الإخفاء زوالاً كلياً مثل ما يحصل في الإدغام. وأقصد بالإدغام هنا كما بينت في الهامش الإدغام الناقص فلا داعي لاستشكال الأخ محمد لعبارتي. أما النون في حالة الإدغام الناقص فإن لفظها يزول بالكلية وتبقى صفتها وفي الإدغام الكامل تزول ذاتها وصفتها معاً.

وبهذا تبين مراد الإمام القرطبي، وأنه يقصد الإدغام الناقص بدليل قوله: (لأنّ لفظها لا يزول ولفظ النون قد يزول) أي أن الميم لا يزول لفظها بالكلية في جميع الحالات أي في الإظهار والإدغام والإخفاء. أما النون فيزول لفظها بالكلية في حالة الإدغام الناقص. وإنما قيدت بالناقص لأن عبارته أفادت الحصر (فلا يبقى منها إلاّ الغنّة) أي لم يبق من لفظ النون شيء إلا الصفة فإنها بقيت، وإذا نظرنا إلى أحكام النون الساكنة فإننا نعلم أنه لا ينطبق هذا الحصر إلا على الإدغام الناقص. أما في الإدغام الكامل فلا تبقى معه الغنة، وأما في حالة الإخفاء فإن النون لا تزول ذاتها بالكلية كما زعم الأخ محمد بل تزول حتى كادت أن تكون زائلة ولكن لم تزل.

إذاً الدليل على تقييدي بالإدغام الناقص هو قوله: (لأنّ لفظها لا يزول). أي لا يزول بالكلية. أما الزوال الناقص فإن العلماء قرروا أن الإخفاء الشفوي فيه زوال نسبي وإن لم يزل بالكلية. قال الشيخ العلامة محمد مكي نصر في (نهاية القول المفيد ص122): "ومعنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية بل إضعافها وستر ذاتها في الجملة بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان، لأن قوة الحروف وظهور ذاته إنما هو بقوة الاعتماد على مخرجه".

ولكن اتضح لي فيما بعد أن مراد الإمام القرطبي هو النون المخفاة، وذلك من عبارة الشيخ العلامة عبدالفتاح المرصفي في (هداية القاري إلى تجويد كلام الباري 1/ 169) حيث قال مثل ما قال الإمام القرطبي: "فالإخفاء في الميم لا يتحقق كتحققه في النون والتنوين لأن في الميم الساكنة مطلقاً تبعيض للحرف وستر لذاته في الجملة بخلافه في النون والتنوين فإن ذاتهما تكاد تكون معدومة ولم يبق منهما إلا الغنة فقط كما يشهد بذلك النطق بنحو "منشوراً" و "ينبت" فنجد أن الميم من "ينبت" وإن كانت مخفاة مع الغنة إلا أنها ليست معدومة بالكلية كانعدام النون في "منشوراً" بل هي مستورة بعض الشيء ". وأشكر الأخ محمد يحيى على أن لفت انتباهي إلى التشابه الحاصل بين الإدغام الناقص والإخفاء في كونهما يتفقان في ذهاب الذات وبقاء الصفة، كذلك إيراده لعبارات العلماء كانت سبباً في اقتناعي لما قرر أن الإخفاء الحقيقي فيه ذهاب لذات الحرف.

ولكن يبقى النظر في استنباطه. وذلك إن الأخ محمد حصل منه شيئان بعد إيراده لعبارة القرطبي: 1) الفهم: وقد أصاب فيه وأخطأت أنا وجزاه الله خيراً 2) الاستنباط: حيث استنبط منها أن الشفتين تكونان منطبقتين تماماً بدون فرجة في حالة الإخفاء الشفوي.

وهذا الاستنباط خطأ لما يلي:

1) صحيح أن الميم لا تزول ذاتها بالكلية في حالة الإخفاء الشفوي ولكن هناك زوال نسبي وإضعاف لذاتها وذلك حاصل بضعف الاعتماد على المخرج، أرجو للاتضاح قراءة عبارة الشيخ محمد مكي نصر في النهاية السابقة. أقول: لا يتأتى هذا الإضعاف ولا الستر لذات الميم إلا بالفرجة اليسيرة بين الشفتين. لأن الشفتين إذا أطبقتا فإن الميم تخرج وتظهر ظهوراً تاماً مع الغنة بسبب قوة الاعتماد على المخرج كما قال الشيخ محمد مكي: " لأن قوة الحروف وظهور ذاته إنما هو بقوة الاعتماد على مخرجه" فكيف يحصل الإخفاء إذاً بالإطباق؟!!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير