تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2) إن وصفهم لهذا الحكم بـ "الإخفاء" فيه سر، وهو الإشارة إلى الفرجة بين الشفتين. ولكن كانت الفرجة يسيرة حتى كادت أن تكونا منطبقتين نظراً لأن ذات الميم لم تزل كما زالت النون في الإخفاء الحقيقي. ومن هنا نعرف لماذا وصفوا الثاني بالحقيقي، لأن الإخفاء في النون متحقق أكثر من الإخفاء في الميم وذلك واضح من عبارة المرصفي.

3) إن قول الأخ محمد (لا يُعلم قبل وقت الشيخ عامر السيّد عثمان رحمه الله أنّ واحداً على وجه الأرض قرأ باانفراج الشفتين) غريب وعجيب!!. ما أدراه ذالك؟ بل أقول كانوا يقرؤون بالفرجة لما قررناه من أن الإخفاء يقتضي الانفراج بين الشفتين وإلا لما حصل إخفاء بل يكون حينئذ إظهار بغنة وهذا الحكم لا وجود له في القرآن الكريم. فإذا كانت الميم ظاهرة لَما كان العلماء وصفوا الحكم بالإخفاء. وإن كان هناك وجه صحيح في الميم الساكنة التي بعدها الباء وهو: الإظهار ولكن بدون غنة.

4) ولقد عجبت أشد العجب من سؤاله الأخير الذي طرحه ليستدل على إطباق الشفتين في حالة الإخفاء الشفوي: حيث ذكر أن فائدة الإقلاب هي إطباق الشفتين. قلت: وهذا الاستنباط غريب جداً ولا أعلم أحداً من الأئمة قال بذلك. بل قد قرر العلماء فائدة الإقلاب في كتبهم وهي التهيئة للنطق بالباء وذلك لأجل المؤاخاة الحاصلة بين الميم والباء. قال الإمام ابن الجزري رحمه الله في (التمهيد 155): "وهي أخت الباء – أي الميم- لأن مخرجهما واحد، فلولا الغنة في الميم وجريان النفس معها لكانت لكانت باءً، والميم أيضاً مؤاخية النون للغنة التي في كل منهما تخرج من الخيشوم ولأنهما مجهورتان، ولذلك أبدلت العرب إحداهما من الأخرى". وقال العلامة محمد مكي نصر في (نهاية القول المفيد 123): "ووجه قلبهما ميماً عند الباء أنه لم يحسن الإظهار لما فيه من الكلفة ... ولم يحسن الإدغام للتباعد في المخرج والمخالفة في الجنسية .. ولما لم يحسن وجه من هذه الأوجه أبدل من النون والتنوين حرف يؤاخيها في الغنة والجهر، ويؤاخي الباء في المخرج والجهر وهو الميم فأمنت الكلفة الحاصلة من إظهار النون قبل الباء".

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[03 Jul 2005, 12:48 م]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

استدلالكم بكلام الشيخ العلامة محمد مكي نصر في (نهاية القول المفيد ص122): "ومعنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية بل إضعافها وستر ذاتها في الجملة بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان، لأن قوة الحروف وظهور ذاته إنما هو بقوة الاعتماد على مخرجه". هو استدلال عليكم لا لكم لسببين:

أوّلاً هل كلامه رحمه الله يدلّ على ترك الفرجة؟ هذا وَهْمٌ لأنّه قال " بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان " ولا شكّ أنّ القراءة بالفرجة ليس فيها اعتماد أصلاً على المخرج لوجود فراغٍ بين الشفتين الناتج عند الفرجة. فالاعتماد القليل الذي يكون بين الشفة العليا والسفلى حال الإخفاء ينفي الفرجة تماماً فقوله رحمه الله بتقليل الاعتماد على مخرجها هو أطباق الشفتين بلُطف من غير كزٍ شديد بخلاف النون فإنّه لااعتماد علي مخرجها مطلقاً لانفصال طرف اللسان عن الحنك الأعلى وهذا هو السرّ في كون أنّ الميم لا يزول ذاتها لبقاء الاعتماد على الشفتين في الإخفاء وإن كان قليلاً وكون النون يزول ذاتها مطلقاً لعدم الاعتماد المطلق على مخرجها حال الإخفاء. ولأجل ذلك قال رحمه الله " لأن قوة الحروف وظهور ذاته إنما هو بقوة الاعتماد على مخرجه" أقول فالمسألة دائرة بين قوّة الاعتماد وضعف الاعتماد والفرجة تنفي الاعتماد بالكلّية.

ثانياً: عبارة الشيخ مكي نصر رحمه الله "الستر" لا تدلّ على ترك الفرجة أبداً. فالمراد بالستر هو قلّة الاعتماد على مخرج في الميم المخفاة مع تمكين الغنّة مقارنة مع الإظهار الذي لا يكون إلاّ بالاعتماد الكلي على المخرج من غير الغنّة ويؤيّد ذلك قوله رحمه الله "بتقليل الاعتماد على مخرجها وهو الشفتان " فهذا هو المراد بالستر.

أمّا القول بأنّ الفرجة لم تعرف قبل الشيخ عامر عثمان هو كلام متواترٌ لا يحتاج إلى بيان فقد سأل الشيخ أيمن سويد السيّد عامر والشيخ إبراهيم شحاته السمنودي والشيخ الزيات هل قرءوا بالفرجة فأجابوا " بلا" والقراءة بانطباق الشفتين هي قراءة أهل الشام بالإجماع وقد يستثنى منهم الشيخ عبد العزيز عيون السود الذي قرأ على المصريين. وهي قراءة قراء الاستنبول والأفغان وباكستان وغيرهم.

وأمّا بالنسبة للسؤال الذي طرحته عليكم فلا غرابة فيه لمن فهم جيّداً مخرج الميم والباء حيث يخرجان بانطباق الشفتين أقول بانطباق الشفتين لأنّ المؤاخاة بين الحرفين حاصلة في التجانس الذي أدي إلى انطباق الشفتين عند النطق بهما فلو تركنا الفرجة زالت المؤاخات التي كانت بينهما ولزال سبب الإقلاب.

ياأخي الكريم علينا أن نتّبع النصوص وأقوال القدامى وأنّ التلقّي لا بدّ أن يوافق النصوص وأنّ مسألة الفرجة ناتجة عن اجتهادٍ محض يحتمل الخطأ والصواب وذلك بقياس الميم المخفاة بالنون المخفاة فكما أنّ في النون ينفصل طرف اللسان بالحنك وكذلك الميم لا بدّ من فصل الشفتين. والقياس مذموم في القراءة، كما قال الشاطبيّ رحمه الله:

وما لقياسٍ في القراءة مذخل ...... فدونك ما فيه الرضا متكفّلا

والقياس لا يكون إلاّ في المسائل التي فيها غموض ولم يرد فيها نص كما حقق ذلك ابن الجزري في النشر نحو السكت على {ماليه هلك} حيث لا يُتمكّن من الإظهار إلاّ بالسكت لبعد مخرج الهاء خاصّة إذا تكررت فالسكت أخذ به ضرورة لعدم وجود حلّ آخر سوى ذلك. وكذلك السكت على {شيء} في أحد طرق حفص من الطيّبة حيث يستحيل السكت عند الوقف. فاجتهد العلماء وأجازوا السكت بالروم ضرورة لعدّم وجود حلّ آخر. أمّا مسألة الفرجة فهل نحتاج إلى قياس فيها؟ هل هناك ضرورة؟ وزيادة على ذلك أنّه مخالف للنصوص وللمتلقّى بالسند قبل عهد الشيخ عامر رحمه الله.

هما ما أردتّ قوله وصلّى الله على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أخوكم محمد يحي شريف.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير