أسئلة تضع مقولة المستشرق الفرنسي بلاشير Blachere عند حديثه عن مراحل تكوين المصحف: "خلال المرحلة الأولى المشتملة على الأعوام العشرين من الدعوة الإسلامية التي قام بها محمد نفسه، لم تزل المنزلات بكاملها تودع الذاكرة، وتنقلها الألسن إلى الآذان، ولا شك أن مفهوم النصّ المكتوب كان حاضراً في أذهان المهتدين المكيين الذين لم يتجاوز عددهم المئة إبان الهجرة سنة 622م. ويبدو أن فكرة تدوين مقاطع الوحي الهامة التي نزلت في السنوات السالفة على مواد خشنة من الجلود واللخاف، لم تنشأ إلا بعد إقامة محمد في المدينة (19). أقول تضع تلك الأسئلة مقولة بلاشير هذه تحت محك الدراسة والتحليل، كما تضع ترديدات دائرة المعارف الإسلامية الصادرة في ليدن لمقولة المستشرق بلاشير عند تناولها لمادة القرآن (20). وكذا ما ردده بعض الكتاب المسلمين من أقوال تدور في هذا الفلك، مثل محمود عباس حمودة حيث يقول: >ويمكن القول إن التدوين الفعلي للقرآن قد بدأ في المدينة بعد الهجرة ـ وحتى بالنسبة للمدينة نجد أن الروايات تختلف ـ فمنها من (21) ينكر أن القرآن دوِّن في عهد النبي، ومنها من (22) يقول إن القرآن كان في صحائف وراء فراش النبي ... < (23).
منهجية البحث
المنهج الذي يتبعه الباحث في معالجة هذا الموضوع هو المنهج التاريخي القائم على التحليل والنقد. وفي سبيل ذلك تهتم الدراسة بتتبع الآيات القرآنية المكية المثبتة لألفاظ التدوين: (الكتاب ـ الصحف ـ القرطاس ـ الرق ـ السجل)، ودراستها دراسة تحليلية ثم الرجوع إلى أمهات المصادر في التاريخ والسير والتفاسير والحديث النبوي وعلوم والقرآن والكتب المتعلقة بالاستشراق. ومن ثم مناقشة الآراء الواردة حول كتابة القرآن الكريم في العهد المكي، ولاسيما من قبل بعض المستشرقين وبعض الباحثين المسلمين المعاصرين.
الحواشي:
(1) سورة الحجر، الآىة 9.
(2) بلاشير، ريجيس: القرآن نزوله وتدوينه وترجمته وتأثيره، ترجمة: رضا سعادة، (بيروت: دار الكتاب، ط 1، 1974م) ص 29 - 27. وهو ما سيذكر لاحقا.
(3) حمادة، فاروق: مدخل إلى علوم القرآن والتفسير، (د. م: مكتبة المعارف، ط 1، 1979م) ص 72.
(4) صبيح، محمد: بحث جديد عن القرآن الكريم، (القاهرة: دار الشروق، ط 8، 1983م) ص 68.
(5) هيكل، محمد حسين: حياة محمد، القاهرة، مكتبة النهضة المصرية، ط 13، 1968م، ص 33 - 32.
(6) هيكل، محمد حسين: الصديق أبو بكر، د. م، مطبعة مصر، د. ط، 1942م، ص 308 ـ 309.
(7) صبيح: بحث جديد عن القرآن الكريم، ص 68.
(8) المرجع السابق، ص 167.
(9) الأشيقر، محمد علي: لمحات عن تاريخ القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 2، 1988م، ص 28 - 25.
(10) العُسُب: وهو جريد النخل يكتب في الطرف العريض منه، واللخفة: صفائح الحجارة الرقيقة. والكتف: عظم الحيوان.
(11) خليفة، محمد: الاستشراق والقرآن العظيم، ترجمة: مروان عبد الصبور شاهين، القاهرة، دار الاعتصام، ط 1، 1944 م، ص 79.
(12) دروزة، محمد عزة: القرآن المجيد، بيروت، المكتبة العصرية، د. ط. ت، ص 98 - 91.
(13) الحمد، غانم قدوري: رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية، العراق، اللجنة الوطنية، ط 1، 1982م، ص 97 - 96.
(14) Muhammad Hamidullah : Kur ص ani kerim Tarihi, Ceviri : Salih Tug. (Istanbul. 1993). pp. 41-42.
(15) راميار، محمود: تاريخ قران، تهران، مؤسسة انتشارات أمير كبير، د. ط، 1369، ص 65.
(16) القرآن الكريم دراسة لتصحيح الأخطاء الواردة في الموسوعة الإسلامية الصادرة عن دار ليدن، رقم 2، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ مطبة المعارف الجديدة، الرباط، 1997م، ص 63.
(17) عبد العال، إسماعيل سالم: المستشرقون والقرآن، د. م، رابطة العالم الإسلامي، العدد120، 1991م، ص 24.
(18) حمادة، د. فاروق: مدخل إلى علوم القرآن والتفسير، ص 72.
(19) بلاشير: القرآن نزوله وتدوينه وترجمته وتأثيره، ص 29 - 27.
(20) Bosworth C.E, van Donzel, lewis, B,& pellat, CH, (eds). 1986, the Encyclopaedia of Islam, Leiden, E.J. Brill. V 5, p. 403.
(21) والصحيح ما، وليس من.
(22) والصحيح ما، وليس من.
(23) حمودة، محمود عباس: تاريخ الكتاب الإسلامي المخطوط، الرياض: دار ثقيف، ط 2، 1991م، ص 100.
¥