أما عن شيوخه فلم يذكرو إلا أن ابن منظور الذي سمع الحديث منه، وذكروا له من التلاميذ أبا القاسم القنطري وأبا محمد عبد الحق الإشبيلي، الذي اشتهر في علم الحديث والرجال، وأبا محمد عبد الغفور بن إسماعيل ابن خلف السكواني اللبي وأبا عبد الله بن خليل القيسي وهو آخر من روي عنه حسب ابن الزبير.
وهكذا فقد جمع ابن برجان بين الحديث، وعلم الكلام،والتصوف،ووصفه ابن الزبير بأنه: «أخذ من كل علم بأوفر حظ، مؤثر لطريقة التصوف وعلم الباطن، متصرفا في ذلك، عارفا بمذاهب الناس، متقيدا في نظره بظواهره الكتاب والسنة،بريئا من مردى تعمق الباطنية، بعيدا عن قحية الظاهرية شديد التمسك بالكتاب والسنة».
أما مؤلفاته فإن المترجمين ينسبون له ثلاثة مؤلفات وهي:
- كتاب في التفسير قال ابن الأبار عنه:لم يكلمه،وصفه ابن الزبير بانه: «جرى فيه على طريقة لم يسبق إليها واستقرأ من آيات عجائب وكرائن من الغيوب إلا انه أغمض في التعبير، فلا يصل إلى مقصوده إلا من فهم كلامه وألف إشارته وإلهامه».
ونقل ابن خلكان بعد ذكر تنبؤ ابن برجان بفتح بيت المقدس سنة 598هـ، أنه لم يزل يطلب هذا التفسير حتى وجده، غير أن القصة مذكورة في الحاشية بخط غير الأول، ونقل محققه إحسان عباس في الأسفل قال:"بهامش المختار قلت أعني كاتبها موسى بن أحمد لطف الله به وقفت في القاهرة ودمشق على ثلاثة نسخ من التفسير المذكور،وهذا الفصل المشار إليه، لكنه مكتوب على الجميع على الحاشية بعد خط الأصل "قال: واخبرني الشيخ تقي الدين محمد بن زين الدين الشافعي قاضي القضاة بالديار المصرية رحمه الله تعالى أنه رأى هذا الفصل في نسختين على صورة ما ذكرناه والله أعلم».وهذا يدل على اعتناء المشارقة بهذا التفسير، وأنه قد دخل إلى المشرق في وقت مبكر وتعددت نسخه هناك.
- وله كتاب في تفسير الأسماء الحسنى وصفه ابن الزبير بالشهير وقد ذكره المفسر الألمعي ابن عاشور ونقل منه، وذكر أبو العلا عفيفي أن المخطوطين:"شرح معاني أسماء الله الحسنى "و "ترجمان لسان الحق المبثوث في الأمر والخلق " الموجودين بألمانيا وفرنسا كتاب واحد.وقد أشار ابن برجان إلى هذا الكتاب في عدة مناسبات في تفسره،وبذلك يظهر أنه هذا الكتاب قبل التفسير.
- وله كتاب آخر وهو" الإرشاد " قيل عنه: «أنه قصد فيه على استخراج أحاديث صحيح مسلم بن الحجاج من كتاب الله تعالى فتارة يريك الحديث من نص آية، وتارة من محتواها ومفهومها،وتارة من إشارتها أو من مجموع آيتين مؤتلفتين أو مفترقتين، ومن عدة آيات إلى أشباه هذه المآخذ»
هذه بعض المؤلفات التي نسبت لابن برجان وليس من المستبعد أن تكون له تأليف أخرى ضاعت في أيام فتنة المريدين.
لقد عاش ابن برجان في أيام دولة المرابطين وهي الدولة التي بوأت الفقهاء مكانة عليا وأحرقت كتب أبي حامد الغزالي وعرفت في نهايتها ثورة المريدين يتزعمهم ابن قسي في الأندلس لكن يصعب أن تجد حلقة وصل بين أقطاب التصوف في تلك الفترة خاصة بين ابن برجان وابن العريف وابن قسي، وقد حقق الباحثون الرسائل التي تبادلها هؤلاء الأقطاب وكشفوا لنا خلالها خلالها أن ابن برجان يمثل الاتجاه الوسط بينما يميل ابن العريف إلى المهادنة وينحو ابن قسي إلى الثورة وهو الذي تزعمها فيما بعد هذا وقد وصف ابن العريف الإمام ابن برجان في رسائله"بالشيخ الفاضل الإمام "والامام أبي الحكم شيخي وكبيري ".
وإذا كان بعض الباحثين قد أشار إلى الجفوة الحاصلة بين ابن العريف وابن برجان، فإن الدكتور عبد السلام الغرميني استشف من الرسائل التي وجهها ابن العريف لابن برجان، أن أبا الحكم بن برجان أرفع مكانة حتى وصف بأنه (غزالي الأندلس)، ومن المدرسة البرجانية انبثقت المدرسة العريفية.
¥