بربنا؟!!، إن ديننا دين منطق، فهل أقول للناس تعرفون ربنا من ساقه عندما يكشف عنها؟؟! هذا كلام غير مناسب، فكما قلنا الحديث في واد ـ ان صح ـ والآية في مكان آخر لا علاقة لها به.
لقد ربط البخاري هذه الآية بالحديث، ولكن يحق لنا التساؤل هل البخاري معصوم؟ البخاري نِعْمَ العالم، لكنه إذا أخطأ في حديث فإنه لا يسقط من أعيننا، البخاري إمامنا ولكنه أخطأ في هذه المسألة، وذلك لا يخدش منزلته، نحن تعودنا أن نأخذ علماءنا بالتقديس لا بالتقدير، وحينها نخشى على أنفسنا من قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله)، وهم شبكوا الآية مع الحديث وأنا في ظنّي أنه لا يوجد ارتباط، الآية تخاطب العرب بلسانهم وبلغتهم، (يوم يكشف عن ساق) ومعناها جدّ الجد، وما ثمّ ساق ولا قدم، وإنما هي كفاية كما في قولهم حزمت الأمور، «شمّرت الحرب عن ساقها) وهل للحرب ساق؟. وهكذا ...
القرآن مهيمن على السُنة، هل قال ربنا إن جهنم ستسكت؟، بل استأنف بقوله: (يوم نقول لجهنم هل امتلأت) وتظل تقول (هل من مزيد) يأتي الحديث ويقول لي لا، جهنم ستسكت، القرآن يقول (وتقول) أي باستمرار، فهنا مَن يُهيمن على مَن؟ القرآن يهيمن على السُنة، أولاً: لماذا لا تبقى جهنم تقول هل من مزيد؟ لماذ تسكت؟ حتى يبقى الكفار في رعب وتبقى تتلظى وتخرج صوتاً (سمعوا لها شهيقاً وهي تفور)، ربنا يقول (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون).
10 ـ عدم الاطلاع على المعارف الإنسانية والتاريخ الإنساني والاجتماع الإنساني: لظن البعض أن العقل المسلم مكتف بذاته، وهذا غير صحيح، إذ العقل يحتاج الى المعارف الإنسانية وهي مترابطة متشابكة يأخذ بعضها من بعض ـ فالمسلم غير معزول عن العالم ولا منبت ولا منقطع ـ نستفيد من معارف العالم الكونية والاجتماعية والإنسانية ... الخ. وبالتالي إذا جئنا ساحة القرآن الكريم بعقل مجرد لم نستفد، قد يقال: أنت قلت يأتي نقي!، أقول بعقل نقي ليس بمقررات سابقة، ولنضرب مثالاً على ذلك أن شخصاً لا يعرف كيف تُساس الأمم وما حقوق الشعوب ولا يفهم شيئاً من ذلك، هل يستطيع أن يعرف معنى الشورى. وهو ما زال على عقل البداوة، لا يعرف ما يفعل، ويفعل ما يريد، وهو الآمر الناهي المتنفذ; فيُظن الإسلام هذا الواقع، إذن كلما أطلعنا على تجارب الشعوب، كنا لإسلامنا أفهم.
11 ـ التقليد في الفهم: إن أقوال العلماء في القرآن مفيدة، ولكنا لا نأخذ بها بالضرورة لأنهم قالوها، بل لأنها صحيحة ومنسجمة مع القرآن، وإذا كانت هناك مشكلة في هذه الأقوال فلا بأس بردها، ليس من باب الرد لذات الرد، أو لنبدو متعالمين، ولكن بما أن الحق يسير منسجماً مع القرآن، فلا مانع من اتباع هذا الأمر المنسجم، مع عدم تقليده.
12 ـ عدم بذل الجهد والكدح الذهني في محاولة الفهم: نحن لدينا اعتقاد أن القرآن ميسّر، (ولقد يسرنا القرآن للذكر)، فلماذا نجهد أنفسنا؟ إن القرآن الكريم كلام واضح، ولكن، العمق شيء واليسر شيء آخر، القرآن ميسر; ولكنه في منتهى العمق، يحتاج الى غوص الغواصين، نحن نسطّح الامور، فنظن ان اليسر يعني التسطيح ـ ومعاذ الله ـ أن يكون القرآن مقصده من اليسر التسطيح الفكري.
13 ـ عدم البحث عن احسن الفهم، والاكتفاء بأي فهم.
14 ـ الربط المتكلف بين الآي: يحاول أن يستقرئ، ولكنه استقراء غير موفق مثال ذلك قوله تعالى، (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) طبعاً همّ بها غير وارد. ولن أناقش الموضوع الآن، ولكن انظر كيف ربط بعض المفسرين فقالوا هَمّ بها ليضربها، من قوله تعالى: (وهمت كل أمة برسولهم)، انظروا الى الربط غير الموفق، الظاهر أنه ربط مناسب لكنه في الحقيقة ربط فاسد، إذاً أحياناً نربط بين الآيات لمجرد وجود تشابه في الألفاظ مثل بعضها، ولكن المعنى مختلف، لذلك همت كل أمة برسولها من باب القتل، هنا الهم هم الفاحشة، فهل همّ يوسف؟ لا، أمتنع الهم بوجود البرهان.
معالم منهج التعامل مع القرآن
بيّنّا فيما سبق معيقات المنهج السليم للتعامل مع القرآن الكريم وأوردنا أمثلة عابرة على صور من التعامل التي لا بد من النظر فيها ومراجعتها وتصويبها، وسنحاول فيما يلي رسم معالم منهج التعامل مع القرآن:
1 ـ القرآن كلام الله:
¥