بالتسبيح وانتهت بالتسبيح، سورة الاحزاب (يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين) وفي منتصف السورة تقريباً (ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا) وأول السورة (وتوكل على الله وكفى بالله وكيلاً) نفس النص، إذن هناك وحدة موضوع، وعندنا شيء نسمّيه عطف البدء على الختام، (ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً) وفي أولها (سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً ... ) تسبيح في البدء والختام.
في سورة الممتحنة (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) وآخرها (يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم) حتى يقول لك ان الموضوع واحد والبدء والختام خيط واحد، وفي سورة البقرة (الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب ... ) وفي الختام (آمن الرسول ... ): أول البقرة فعل مضارع، وآخر البقرة فعل ماض، في البداية (الم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، والذين يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون) آخرها (آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن ... ) انظروا يؤمنون مرتين وآمن مرتين بالعدد، اذن خيط واحد أوله وآخره متشابه، فلماذا في أولها مضارع وفي آخرها ماض؟ المضارع له أهداف، وهذه الأهداف أنجزت واصبحت فعلاً ماضياً.
قال في الظلال: «يلحظ من يعيش في ظلال القرآن أن لكل سورة شخصية مميزة، شخصية لها روح يعيش معها القلب كما لو كان يعيش مع روح حي مميز الملامح والسمات والأنفاس، ولها موضوع رئيسي أو عدة موضوعات رئيسية مشدودة الى محور خاص، ولها جو خاص يظلل موضوعاتها كلها، ويجعل سياقها يتناول هذه الموضوعات من جوانب معينة تحقق التناسق بينها وفق هذا الجو. ولها إيقاع موسيقي خاص، إذا تغير في ثنايا السياق فإنما يتغير لمناسبة موضوعية خاصة، وهذا طابع عام في سور القرآن جميعاً، ولا يشذ عن هذه القاعدة طوال السور ... » [سيد قطب. في ظلال القرآن، بيروت، دار احياء التراث العربي، ط 7، 1391 هـ / 1971 م، ج 1 ص 4،.]
اياكم ومقولة (ما ترك الأوائل للأواخر) هذه قاضية على العقل! هل ترك الأوائل للأواخر؟ نعم، كون أن الزمخشري لم يقل بالوحدة الموضوعية لا يعني أن لا أقول بالوحدة الموضوعية، ومن ثم الجماعة كانوا مشغولين بالتفكيك، المنهج التفكيكي أي أخذ الكلمة واستخراج البلاغة وكل شيء منها، الآن نأخذ المنهج التركيبي، أشاروا إشارات كما قال قطب كان النبع على ضربة معول لكنه لم يضربه، فترك النبع ورمى الفأس وذهب. مع أن النبع كان على ضربة معول لكنه لم يضربه. فالزمخشري عظيم وفكر خارق، لكن مشغول بالتفسير التحليلي، أنجز إنجازاً مهماً، ومهمتنا نحن أن نطور.
12 ـ لا تُفسر الكلمة او النص الجزئي بمعزل عن السياق:
فقد يكون للمفردة مفردة معنى وفي السياق معنى آخر.
13 ـ الاستقراء للفظة في القرآن يعطيك من المعاني ما لا يعطي تفسير النص بمعزل عن هذا الاستقراء:
طبعاً الاستقراء لا يكون ناقصاً. (فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم) (آنس من جانب الطور ناراً) (ولا مستأنسين لحديث ان ذلكم كان يؤذي النبي) (حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) أجمع كل مادة أنس وأستأنس ومستأنسين وأفكر فيها مجتمعة، كلمة الشكر كذلك، الإنسان كذلك، كل ذلك يساعدك في التصور، فرق بين كلمة الإنسان عن الناس، اجمع كلمة الناس تجدها أنها واردة في التجمع البشري، الإنسان المفرد (يا أيها الإنسان ما غرك بربك) (يا أيها الناس) تأتي دائماً لما يحتاج الى واقع اجتماعي الى منظومة من البشر بعكس يا أيها الإنسان، هذا العمل بصفة فردية، وهكذا ...
14 ـ لا يؤتى الى القرآن بأحكام مسبقة:
سواءً أكانت أحكاماً فقهية، أم عقدية، أم فلسفية ... الخ. لكن يؤتى القرآن بثقافة وعقل عنده دُربة بالعربية ومسلح بالبلاغة.
15 ـ لا يفسر القرآن بمعزل عن روح القرآن وروح الإسلام.
16 ـ في القرآن آيات محكمات وأُخَرُ متشابهات:
والمتشابه من الآيات يُرد الى المحكمات، وفي النهاية لا متشابه في القرآن.) انتهى البحث.
ـ[بوحامد سميرة]ــــــــ[13 Mar 2009, 10:34 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
لقد قمت بالتسجيل في منتداكم الرائع عندما طالعت فيه مقال استاذي احمد نوفل ..
كان فعلا مبهرا ..
مقنعا الى حد بعيد في تحليلاته و تفسيراته المنطقيةو هو مشهور بمحاربته للروايات الاسرائلية التي نجدها في معظم كتب التفسير المشهورة ..
استفدت منه الكثير و لا ازال ..
اطلب منكم عناوين كتبه فالمطالعة احلى شيء عندي ..
و في الاخير ابعث من الجزائر الف شكر للمشرفين على هذا المنتدى ..
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[08 Dec 2010, 12:22 م]ـ
رائع هذا ... ما شاء الله.