تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأمم في حالة المد تفهم شيئاً وفي حالة الجزر تفهم غيره; ربما نقيض الفهم الصحيح، نصوص الكتاب كما قلنا محايدة، يأتي العقل هو الذي يحدد مسار الفهم، النص في محله. تتذكرون جميعاً كيف فهم المسلمون قوله تعالى (ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة) الصحابة فهموا الآية; لان الأمة كانت في حالة مد لكن أمة في حالة الجزر، فإذن لا يوجد فك ارتباط بين فهم العلماء وبين حال الأمة، لكن لاحظوا العلماء كيف أنزلوا النصوص على الواقع، تنزيل مريض مشوّه; لأن الأمة في حالة الجزر، فالحكّام إن أرادوا السّلم فنقوم بتفصيل الآيات وإن أرادوا الحرب فنغيّر الآيات حسب مرادهم، إذا أرادوا السلام (وإن جنحوا للسّلم ... ) إذا أرادوا أن يحاربوا (انفروا ... ) ان النص لا علاقة له بهذا، ولكن واقعنا مريض.

نريد أن نحلّق فوق هذا الواقع المتخلّف، لأن نصّنا عال وواقعنا رديء فلا بد لنا من أن نخرج من جاذبية الواقع الرديء للأمة الى أفق النص القرآني العالي والرحب.

10 ـ النبي لم يفسّر إلا النزر اليسير; ليظل المعنى متسعاً لكل تطورات العصور:

ما الذي فسّره النبي من القرآن؟ أنا أزعم أنه لم يتجاوز العشرات، ولذلك قال أحمد بن حنبل: ثلاثة لا أصل لها: التفسير والمغازي والسّيَر، أليس باستطاعة النبي أن يفسر (استوى) وأن يفسر كلمة (الميزان) بلى إنه قادر على ذلك، فهل فعلها النبي؟ لا، لماذا؟ إن معنى أن يفسّر النبي النص أن العقل توقف، ونحن لا نريد أن يتوقف العقل نريد أن يبقى العقل في حالة تطور محمد رشيد رضا قال كلاماً في التفسير جميلاً جداً، هل انتهى التفسير؟ بالطبع لا، ولذلك يجب أن يكون تفسير لكل عصر، والتفسير مرآة العصر، تقرأ به قضايا العصر، ابن كثير فسّر، لزمانه، الطبري فسّر، لزمانه، الزمخشري فسّر لزمانه، لا يوجد عقل خارق للقرون.

النبي فسّر القرآن عملياً، لكنه لم يفسّر القرآن لغوياً، وإذا أردنا أن ندقق ونحقق قد نجد عشرة أحاديث في التفسير وقد لا نجد، فأقول: إن كتاب التفسير في البخاري يحتاج الى مراجعة، وهذا ليس تعالياً على البخاري; لكن الحق أحق وأحبّ علينا من كل واحد. فلحكمة بالغة لم يفسّر النبي كل القرآن; وذلك ليبدع العقل على مر العصور، ويبقى في حالة مد وإبداع.

11 ـ الوحدة الموضوعية:

يجب أن تعرف أن كل سورة لها موضوع وبلا تكلّف، كيف يقبل العقل المسلم أن يُقفل باب الاجتهاد؟! أكان حجتهم بذلك حتى لا يدخل من ليس بأهل للاجتهاد فقفله أفضل، فوالله لأن يدخل أناس باب الاجتهاد ويخطئوا خير من أن يقفل. نعني بالوحدة الموضوعية أن كل سورة لها وحدة موضوع، من أول آية الى آخر آية، واقرأ في الظلال وغير الظلال، محمد قطب أعطى نماذج على ذلك في كتابه «دراسات قرآنية» فقال على سبيل المثال سورة البقرة موضوعها تربية أمة لا إله إلا الله، سورة آل عمران موضوعها معركة أمة لا إله إلا الله، فمن أول آية الى آخر آية الكلام صحيح باتساق، المعركة الفكرية.

والمعركة المادية، المعركة مع اليهود والمشركين والمنافقين والنصارى، إذن معركة أمة لا إله إلا الله معركة ضد كل أعداء لا إله إلا الله، وعلى الصعيدين المادي والفكري، هذه سورة آل عمران، معركة نفسية ثقافية فكرية دينية عقدية اجتماعية ومادية ميدانية ومع اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين، موضوع واحد، لن تخرج السورة عن هذا الإطار ننشأ.

نأتي الى سورة النساء لماذا فيها جهاد؟ نحن نعلم أن السورة تتكلم عن أحكام النساء، ولكن لماذا يوجد الجهاد؟ نحن عندنا نظام اجتماعي أو لا يحتاج هذا النظام الى نظام عسكري يحميه، إذن النظام في سورة النساء نظام اجتماعي وهذا النظام لن يستقر ما لم نحميه بجهاد، ان آيات الجهاد منسجمة تماماً، ولذلك لاحظ كيفية ورود آيات الجهاد (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء). إذن لكل سورة موضوع، ولو سألنا ما هو موضوع سورة القلم على سبيل المثال؟ موضوع هذه السورة هو النبي ونفي تهمة الجنون، (ن) النبي (ما انت بنعمة ربك بمجنون) النبي وبالذات نفي تهمة الجنون، تعالوا معي الى نهاية السورة (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون انه لمجنون) هناك قاعدة في السور القرآنية: دائماً عطف البدء على الختام، حتى يؤكد لك ان كل سورة فيها موضوع، فمثلاً سورة الاسراء بدأت

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير