تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ربِّ يسِّر وأَعِنْ وصلِّ على نبيِّك محمد

قال الشيخ الإمام الجليل أبو الحسن عليّ بن فضّال المجاشعيّ النحويّ، رحمه الله:

أمّا بعد حمد الله تعالى كما يجب له، والصلاة على من ختم أنبياءه ورسله، واتّبع هديه وسُبُله، وامتثل قوله وعمله، فإنّ الله، جلّ ثناؤه، وتقدّستْ أسماؤه، أحلّ الشيخ الأجلّ السيد قِوام الملك أبا عليّ الحسن بن عبدالملك، حرس الله للعِلْم والعلماء مهجتَه، وفسح للفضل والفضلاء مدّتَه، محلاًّ شمختْ أرومتُه، ومنحه منصبًا رسختْ جرثومتُه، وضّاءً إلى علائق أعلاق الكرم والعلاء، مضّاءً على أسنى خلائق ذوي الأعراق والسناء، وأظلّه أغصان دوحة زكتْ أعراقُها، واخضرَّتْ أوراقُها، ثم أثمرتْ أطيبَ ثمرة، وكأنها من خير شجرة، فما زال ينمي على أهدى طريقة، وأسنى خليقة، إلى أن ضمّه محتدُه في قُطريه، واحتمله سؤددُه بين حصنيه، فهو يتيمة المجد، وواسطة العقد، إليه يُفزَع في المشكلات، وعليه يُعوَّل في درء المندبات، وأمتع الله ببقائه العِلمَ وأهلَه، ولا سلبهم ذراه وظلَّه، فهو الذابُّ عن الدِّين، والحامي حوزة المسلمين، سناؤه قد حاز سناءَ الشمس، وعلاؤه قد جاز على الإنس، فكلُّ نهايةٍ أوّلُ قدره، وكلُّ غايةٍ أسفلُ فخره، بحزمه يحزم الحزم، وبفهمه يفهم الفهم، وبرأيه تقلّ الخطوب، ويستدفع الأمر العصيب.

وإنّي لمّا رأيتُ عنايته بالقرآن ومعانيه، ورغبته في دقائق إعرابه ومبانيه، أحببتُ أن أخدم حضرته بكتاب يجمع فنونه ويحتوي عيونه، واستوعب جميع معانيه، وما يحتاج إليه الناظر فيه، من نحو: علم تلاوته، ومبادئه، ومقاطعه، ووقوفه، ومدّاته، وهمزاته، وتشديداته، وحروف المدّ واللِّين، وعلم أجزائه، ووجوه قراءته، ومعرفة المتْلُو من القراءات، والشاذّ، وما يجوز منها في الصلاة وما لا يجوز، وعلم حروفه وكلماته، وعدد آياته والاختلاف فيه، وعلم تفسيره وتأويله ومعانيه، وجهاته، وإعرابه، ولغاته، وغوامضه، ومشكلاته، ونظائره ومتشابهاته، وإشاراته، وعلم مكّيّه ومدنيّه، وجحفيّه وطائفيّه وحُديبيّه، وما نزل بمكّة وحكمه مدنيّ، وما نزل بالمدينة وحكمه مكّيّ، وعلم جمعه وتفريقه، وبيانه وتأليفه، وعلم نزوله وشؤونه وأقاصيصه وفنونه، وأسماء مَن نزل فيه، والأسباب التي من أجلها نزل، وما نزل من القرآن ليلاً، وما نزل نهارًا، وما نزل مجملاً، وما نزل مفصَّلاً، وما نزل مجتمعًا، وما نزل منفردًا، وعِلم خاصّه وعامّه، ومطلقه ومقيّده، وحظره وإباحته، وخاصّ أُريد به عامّ، وعامّ أُريد به خاصّ، وعامّ يدخله الخصوص، وخاصّ يدخله العموم، وعلم مقدّمه ومؤخّره، وقلبه وإبداله، وحذفه وإضماره، واختصاره، وحقيقته ومجازه، وعلم ناسخه ومنسوخه، وأمره ونهيه، ووعده ووعظه، ووعيده وزجره، وأمثاله، وعلم أحكامه، وحدوده وفرائضه، وواجباته، وحلاله وحرامه، وفضائله، وجائزه ومتعذره، وعلم طِوَله ومِئيّه ومثانيه ومُفصَّله، وما أوتي رسول الله ? من القرآن بدل التوراة، وما أُنزل بدل الإنجيل، وما أوتي بدل الزبور، وما خُصّ به، وفرق ما بين التأويل والتفسير، ومعاني: القرآن، والفرقان، والكتاب، والإمام، والمثاني، والسورة، والآية، وعِلم ظاهره وباطنه، ومطلعه ومقطعه، والمفروضات الظاهرات، والمفروضات الباطنات، والمنهيات الظاهرات، والمنهيات الباطنات، وأسراره ورموزه، وعِلم إعجازه ونظمه، وهو على عشرة أوجه: الإيجاز، والتشبيه، والاستعارة، والتلاؤم، والتواصل، والتجانس، والتضمين، والتصريف، والمبالغة، وحسن البيان.

وعِلم جواباته، وما المفصول منها وما الموصول؟ وما المضمر وما المظهر؟ وما سُئل عنه فأجيب، وما سُئل عنه فلم يُجب، وما نزل من غير سؤال، وسؤال المؤمنين، وسؤال الكافرين، وترك الجواب، إلى غير ذلك مما يكثر تعداده ويصعب إيراده.

ورأيت أني متى فعلتُ ذلك انتهت بي مُدَد الحياة قبل انتهائه، وانجدفت لسان البقاء قبل فنائه، فرأيتُ أن أختصر ولا أُكثر، وأقتصر ولا أُقصِّر، وأعتمد على نُبَذ معجز في كتاب موجز، مما يتذاكر فيه العلماء ويستدعيه منهم الأكابر والرؤساء، ورجوتُ أن يحسن لديه موقعه، ويلطف عنده موضعه، فإن أصبتُ فبحسن نيّته ويُمْن نقيّته، وإن أخطأتُ فما لا يخلو منه بشر، ولا يسلمُ منه مبرز مقتدر، لاسيما لمن ارتجل من غير نسخةٍ تقدّمتْ أو مسودةٍ رُسِمتْ، وما كان على هذه الصفة فالعذر فيه واضح، ووجه الحق عنده لائح.

وقصدتُ في هذا الكتاب إلى أشدّ ما في القرآن إشكالاً في معنى وإعراب، وربما ذكرتُ المعنى وحده، وربما ذكرتُ الإعراب وحده، وربما ذكرتهما جميعًا، وربما شرحتُ الكلمة الواحدة من جميع الآية، على قدر ما أرى الموضع محتملاً.

وجميع أغراض القرآن ثلاثة: التوحيد، والأخبار، والديانات.

وعلى تُؤوِّل قول النبي ?:" چ ? ? ? ?چ تعدِلُ ثُلثَ القرآن"، وذلك أنّ (هو الله أحد) كلها توحيد، فهي ثلث هذه الثلاثة التي ذكرناها. وهذا ذُكِر لنا عن محمد بن جرير الطبري.

وقال عليّ بن عيسى: أغراض القرآن: الإعلام، والتنبيه، والأمر، والنهي، والوعد والوعيد، ووصف الجنة والنار، وتعليم الإقرار بأسماء الله وصفاته، وتعليم الاعتراف بإنعامه، والاحتجاج على المخالفين، والرد على الملحدين، والبيان عن الرغبة والرهبة، والخير والشر، والحسن والقبيح، ونعت الحكمة، وفضل المعرفة، ومدح الأبرار وذمّ الفجّار، والتسلية والتحسير والتزكية والتقريع، والبيان عن كريم الأخلاق وشريف الآداب.

وما بدأنا به أَولى؛ لأنّ هذه القسمة متداخلة، تلك أسلم منها.

وقد اختلف العلماء في المكّيّ والمدنيّ اختلافًا كثيرًا، فاقتصرنا على ما رواه أبو حاتم سهل بن محمد السجستانيّ، قال: حدّثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى، قال: حدّثنا يونس بن حبيب النحويّ البصريّ، قال: سألتُ أبا عمرو بن العلاء عن تلخيص الآي المدنيّ من المكّيّ، فقال أبو عمرو: سألتُ مجاهدًا عمّا سألتني عنه، فقال لي: سألتُ عبد الله بن عباس ? عن ذلك فقال: ...

المصدر ( http://www.hamadaljasser.com/article/article_detail.asp?articleid=310)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير