تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قلت سبحان الله! حتى عوام الناس يدركون بفطرتهم أن الخطاب في لغتهم إذا جاء بصيغة التذكير شمل الذكور والإناث أما إذا جاء بصيغة التأنيث فالمقصود به الأنثى أو الإناث فقط ولذلك يقول الرجل لأولاده: كلوا أو اقرأوا إذا كانوا ذكوراً وإناثاً ولا يقول اقرأن إلا إذا كن إناثاً فقط وأحياناً حتى إذا كان المخاطبون إناثاً ليس فيهم ذكر فيبقى الخطاب بصيغة التذكير فيقول: اقرأوا، قوموا، اخرجوا …

وبهذا نزل القرآن. فقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) "1" يعم الرجال والنساء كقوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ) "2" ولذلك قال الله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ) "3" واستمر الخطاب بالتذكير إلى أن قال: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم) "4" ولازال الخطاب بالتذكير ثم أفصح بالمقصود فقال بعد قوله (منكم) (مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ) "1" وإذن فالمقصود الجميع الذكر والأنثى ثم عاد الخطاب بالتذكر (فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي) "2".

ولما كان بيت النبي ? فيه النبي وأزواجه جاء اللفظ بصيغة التذكير ليعمهم جميعاً فلا يمكن إذاً أن تأتي الصيغة بالتأنيث وإلا لأخرج النبي من حكم الآية.

ومن العجيب أنهم يخرجون نساء النبي ? من حكم الآية محتجين بكونهن إناثاً وفي الوقت نفسه يدخلون فاطمة رضي الله عنها تحت حكمها مع أنها انثى!

2 - حديث الكساء:

روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت:

خرج النبي ? ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن ابن علي فأدخله مع في المرط ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) "3" وفيه أن رسول الله لم يدخل زوجته أم سلمة معهم بل قال لها: أنت من أهل بيتي أنت على خير.

ما العلاقة؟!

ونحن لاندري ما علاقة هذا الحديث بإخراج أمهات المؤمنين من الآية!!.

غاية ما فيه إدخال مجموعة من أقرباء النبي ? الذين لم يكونوا يساكنونه في بيته في حكم الآية، وليس فيه قصر المعنى عليهم وحدهم أو إخراج غيرهم منه، إذ ليس من شرط دخول هؤلاء خروج أولئك، ورحمة الله وسعت كل شيء، فلن تضيق بأحد من أجل أحد، إن قول القائل مشيراً إلى أربعة من أصدقائه " إن هؤلاء هم أصدقائي " لايعني قصر الصداقة عليهم، ولو كان لأحدهم عشرة إخوة فأشار إلى ثلاثة منهم كانوا معه فقال معرفاً بهم: " إن هؤلاء إخوتي " لم يدل قوله بلفظ هذا على عدم وجود إخوة آخرين له إلا إذا لم يكن له في الواقع غيرهم، فالقرينة التي تحدد معنى اللفظ سِعة وضيقاً هي واقع الأمر ذاته، أما اللفظ لغة فلا ينفي ولا يثبت، و"أهل بيت النبي ? " في الواقع كثيرون فبأي حجة نقتصر باللفظ على بعضهم دون بعض؟!.

وهذا يرد في القرآن كثيراً كقوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) "1"، أي ذلك الدين القيم وليس الدين القيم مقصوراً على عدة الشهور وكون أربعة منها حرماً فقط.

كذلك قول النبي: " هؤلاء أهل بيتي " أي من أهل بيتي.

وإذا كان هذا اللفظ يمنع دخول أحد من بيت النبي ? مع هؤلاء الأربعة فكيف أدخلوا تسعة آخرين معهم لم يكونوا موجودين أصلاً عندما قال النبي ? قوله ودعاء دعاءه؟!.

فإن قالوا: لوجود أدلة على ذلك قلنا: الأدلة كلها تدل على أن أزواجه هن خصوص أهل بيته مع أن الأدلة التي احتجوا بها لإدخال أولئك التسعة ليس فيها دليل واحد من القرآن وإنما هي روايات صاغوها وأحاديث وضعوها ليس إلا.

لنا لا علينا:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير