تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنهم يقولون: إن قول النبي مشيراً إلى هؤلاء الأربعة " إن هؤلاء هم أهل بيتي " يعني قصر الآية عليهم وإخراج البقية منها، ونحن نقول مجاراة لهم: ابقوا على قولكم هذا واصمدوا عليه إلى الأخير ولا تدخلوا معهم أحداً من أهل بيت النبي وسترون النتيجة في غير صالحكم!! إذن كيف تستطيعون نقل " العصمة " إلى الخامس فما دون؟! وما الذي أدخل هؤلاء وأخرج غيرهم؟! وماهذه الازدواجية والانتقائية؟! أليس لها من ضابط أو مقياس؟!

رابعاً: الإرادة الشرعية والإرادة القدرية:

ومن الأدلة على عدم دلالة الآية على العصمة أن "الإرادة" التي جاءت فيها شرعة لا قدرية وإليك البيان:

وردت "الإرادة" الإلهية في نصوص الشرع على ضربين:

الضرب الأول: الإدارة القدرية الكونية:

وهي المشيئة التي لابد من وقوع وتحقق ما تعلق بها من مراد الله، ولا تلازم بين هذه الإرادة ومحبة الله وأمره الشرعي، فقد يريد الله ويشاء وقوع شيء يكرهه لحكمة يعلمها وبأسباب من خلقه أنفسهم كوقوع الزنا والكذب والكفر والله تعالى لا يحب ذلك ولا يأمر به شرعاً وإنما نهى عنه لكنه يقع بإذنه ومشيئته يقول تعالى: (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ) "1"، ويقول تعالى عن هذه الإرادة: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) "2"، (وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ) "3"، (وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ) "4"، فالله أراد غوايتهم مع أنه لم يأمر بها ولم يحبها فإنه كما أخبر عن نفسه: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ) "5"، لكن ما كل ماأراده الله وأحبه وأمر به شرعاً يقع ولاكل ما كرهه ونهى عنه لايقع وهنا يأتي دور الضرب الثاني من الأرادة وهي:

الإرادة الشرعية:

وهي بمعنى المحبة والقصد والأمر الشرعي الذي قد يقع وقد يتخلف مقتضاه كما في قوله تعالى (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) "6"، وهذه الإرادة يتوقف وقوع مقتضاها ومرادها على العبد فقد يقع إذا قام العبد بأسبابه الجالبة، وقد لا يقع إذا قصر فيها فيقع ما يكرهه الله ولايريده أي لا يحبه ولا يأمر به، ويحب الله شيئاً ويأمر به فلا يقع، فالله تعالى يحب اليسر لكل خلقه وأراده وأمر به، ويكره العسر لهم كما في الآية السابقة وكما في قوله: (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ) "1"، لكنه لا يتحقق في حق كثير من الناس الذين يشددون على أنفسهم ويثقلون عليها مع أنهم داخلون تحت خطابه تعالى: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقوله: (يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ)، والله تعالى أراد من عباده جميعهم الطاعة بمعنى أمرهم بها واحب أن يفعلوها لكن محبوب الله ومراده هذا وأمره لم ينفذه أكثرهم! في حين أنه لم يرد أشياء وكرهها لكنه واقعة رغم أن الله لم يردها: يقول سبحانه: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ) "2"، فوقع مرادهم وهو أخذ الفداء من الأسرى دون مراد الله وهو القتل.

ويقول أيضاً: (وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) "3"، ويقول: (مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ) "4"، فالحرج واقع للبعض رغم أن الله مايريده، والتطهير لايتحقق للكل رغم أن الله يريده لهم جميعاً، فالآية خطاب لجميع الأمة وهي تشبه تماماً (آية التطهير) إذ اللفظ نفسه يتكرر في الآيتين وهو في الإرادة الشرعية التي تتوقف على استجابة المخاطب وليس في الإرادة الكونية القدرية التي لابد من وقوعها.

وحتى يمكن حمل الآية على "العصمة" لابد أن تكون الإرادة فيها قدرية كونية من الله إذ العصمة التي أثبتوها إنما هي بجعل من الله لا بتكلف من العبد، ولا دليل على ذلك أبداً، فبالإضافة إلى كون اللفظ أصلاً في الإرادة الشرعية لوجود ما يشبهه وهو ليس في الإرادة القدرية، فهناك قرائن تدل على أن الإرادة شرعية لاقدرية منها:

1 - حديث الكساء:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير