تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إذ لو كانت إرادة الله قدرية لابد من وقوعها لما دعا لهم إذ هم أغنياء عن دعائه ? لكون الله تعالى شاء "عصمتهم" وقدرها حتماً فلا حاجة له.

وأيضاً فلو كانت الآية في "العصمة" وهم معصومون من الأصل فرسول الله ? يعلم ذلك، فعلام يطلب لهم شيئاً حاصلاً من الأساس أي كما يقال: تحصيل حاصل، وتحصيل الحاصل لغو ينبغي أن ننزه عنه رسول الله ?، وأيضاً يقال: هل عصمتهم قبل دعاء النبي أم بعده؟ فإن كانت حصلت بدعائه أي بعده فهم غير معصومين من قبل، وغير المعصوم كيف ينقلب معصوماً؟ وإن كانت حاصلة بدون دعائه "أي قبله" فعلام دعا؟!.

2 - سياق الكلام:

فالكلام الذي جاء في سياقه النص "إنما يريد …" توجيه وأمر ونهي إذ يبدأ بقوله: (إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (28) وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً (29) يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ) - إلى قوله – (وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً) – إلى قوله – (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) – إلى قوله – (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)، ثم قال معللاً هذه التوجيهات والأوامر والنواهي – (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ) – ثم يستمر بقوله – (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ…) وإذن فالمخاطب يحتمل في حقه الطاعة والمعصية فيحذره الله من المعصية ويحثه على الطاعة فالإرادة هنا شرعية بمعنى أن الله يأمر بما أراده وأحبه فاحرص أيها المخاطب على تحقيق إرادة الله في تطهير هذا البيت الذي تنتسب إليه وإذهاب الرجس عنه وإلا إما أن تخرج من هذا البيت بالطلاق (فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) وحين ذلك فمهما عملت فعملك لا ينسب إلى هذا الذي يحب الله أن يرفع من شأنه. وإما أن تضاعف لك العقوبة ضعفين إذا ارتكبت ما يخدش سمعة هذا البيت الطاهر وذلك من أجل أن يبقى المخاطب – أزواج النبي ? – حذراً يقظاً على الدوام تحقيقاً لإرادة الله، وهذا المعنى لا يستقيم إذا كانت المشيئة أو الإرادة كونية حتمية، ولذلك جمع الله بين النهي عن المخالفة والأمر بالطاعة وإرادته الثمرة الناتجة عن ذلك وهي التطهير في آية واحدة فقال: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فمن حمل الإرادة على الإرادة الكونية القدرية فكما قال تعالى: (إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)، والعقيدة مبناها على القطع والإحكام لا على الظن والاشتباه، ولايتحصل إمكان أو احتمال تفسير الآية "بالعصمة" إلا بعد القطع بأن الإرادة فيها كونية لاشرعية والقطع غير مقطوع به بل ولا ماهو أدنى منه الذي هو الظن الراجح الذي لا يصلح حجة في أمور العقيدة بالاتفاق.

وهكذا يتبين أن القول "بالعصمة" بدلالة الآية إنما هو احتمال في احتمال فسقط بها الاستدلال.

المعنى المقصود من الآية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير