(فأجاب) بقوله: أما صلاته فلا تصح إلا إن كان عاجزا عن النطق بالضاد، ويلزمه التعلم للنطق بها ما أمكنه، ولو بأجرة لمن يعلمه، ومتى ترك ذلك مع القدرة عليه فصلاته باطلة ويعزر عليه التعزير البليغ الزاجر له عن مثل هذه القبائح التي يفسق مرتكبها. وأما إمامته للناس فلا تصح فيعزر عليها أيضا؛ إلا إن كان المؤتم به مثله في العجز عن النطق بالضاد فحينئذ تصح إمامته به، وكثير من الناس أضاعوا حقوق القرآن وما يجب له من تعلم إخراج الحروف من مخارجها فأثموا بل فسقوا وبطلت صلاتهم وشهادتهم؛ فيتعين عليهم السعي فيما قلناه، وبذل الجهد في التعلم ما أمكنهم، والله تعالى أعلم بالصواب.
قال الإمام شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في كتابه أسنى المطالب شرح روض الطالب للإمام إسماعيل بن المقري (وهو اختصار روضة الطالبين للإمام النووي وهو ما بين الأقواس)
(وإن لحن) فيها (فغير المعنى كضم تاء أنعمت، أو كسرها) وأمكنه التعلم ولم يتعلم (فإن تعمد بطلت صلاته وإلا فقراءته) قال في الكفاية ويسجد للسهو، وبدل الفاتحة كالفاتحة فيما ذكر كما نبه عليه الزركشي وإن لم يغير المعنى كفتح دال نعبد لم يضر، لكنه إن تعمده حرم وإلا كره ذكره في المجموع وعد القاضي من اللحن الذي لا يغير المعنى الهمد لله بالهاء وأقره في الكفاية، لكن عده الماوردي والروياني وابن كج من المغير للمعنى قال الزركشي وهو أصح (ولغير القراءات السبع) من القراءة الزائدة عليها (حكم اللحن) فإن غير معنى وتعمده بطلت صلاته وإن لم يتعمد فقراءته وعبارة الأصل وتصح بالقراءة الشاذة إن لم يكن فيها تغيير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصانه ففيها زيادة وقضية كلام المصنف هنا مع ما صرح به في الأحداث تحريم القراءة بها مطلقا وبه صرح في المجموع، والتحقيق وتقدم في الأحداث بيان الشاذة مع زيادة.
وقال العلامة أحمد الرملي الكبير أقصد والد الشيخ محمد في حاشيته على الشرح المذكور
(قوله: لكن عده الماوردي والروياني إلخ) أشار إلى تصحيحه (قوله: قال الزركشي وهو أصح) قال الأذرعي وهو الظاهر كما سيأتي، ثم قال فقد ذكر الرافعي وغيره من اللحن المبطل للمعنى كالمستقين، وليس بلحن بل إبدال حرف بحرف ولا يحتاج إلى ذكره لأنه أسقط حرفا من الفاتحة وهو الميم. ا هـ. وقد أسقط القارئ في مسألتنا حرفا من الفاتحة وهو الحاء ولو أتى بالواو بدل الياء من العالمين كان مضرا، وإن لم يغير المعنى لما فيه من الإبدال قال ابن العماد هذا ضعيف لأن الحرف هاهنا ليس من نفس الكلمة بل هو حرف إعراب ينوب عن الحركة وإذا كان كذلك وجب إلحاقه باللحن الذي لا يغير المعنى فلا تبطل به الصلاة؛ لأنه إذا كان تغيير الحركة لا يضر إذا لم يغير المعنى فتغيير الحرف النائب عن الحركة أولى وهذه غفلة منه عن هذه القاعدة (قوله: وبه صرح في المجموع) والتحقيق، والفتاوى، والتبيان غ.
اهـ
وفيما جمعه ابنه محمد الرملي من فتاوى والده أنه سئل عمن يقول في الفاتحة في الصلاة الهمد لله بالهاء هل تبطل صلاته به أم لا سواء كانت لغته أو لا؟
أجاب في فتاويه: بأنه تبطل صلاته بذلك على الراجح فإن عجز لسانه عن الإتيان بالحمد لله، أو لم يمض زمن إمكان تعلمه فهو أمي فتصح صلاته
اهـ وهي مطبوعة بهامش فتاوى ابن حجر
وهذه فتاوى الشافعية في المسألة وهم أكثر من تشدد في هذه المسألة
=========================
وعند الحنابلة
قال الشيخ المرداوي في الإنصاف
فاللحن الذي يحيل المعنى: كضم التاء أو كسرها من " أنعمت " أو كسر كاف " إياك " قال في الرعاية: وقلنا تجب قراءتها (أي الفاتحة)، وقيل: أو قراءة بدلها انتهى. فلو فتح همزة " اهدنا " فالصحيح من المذهب: أن هذا لحن يحيل المعنى قال في الفروع: يحيل في الأصح قال في مختصر ابن تميم: يحيل في أصح الوجهين وقيل: فتحها لا يحيل المعنى. فائدة: لو قرأ قراءة تحيل المعنى مع القدرة على إصلاحها متعمدا حرم عليه فإن عجز عن إصلاحها قرأ من ذلك فرض القراءة، وما زاد تبطل الصلاة بعمده، ويكفر إن اعتقد إباحته، ولا تبطل إن كان لجهل أو نسيان، أو أنه جعلا له كالمعدوم فلا يمنع إمامته، وهذا الصحيح من المذهب، وعليه أكثر الأصحاب قال في مجمع البحرين: هذا اختيار ابن حامد، والقاضي، وأبي الخطاب
¥