تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وموقف ثالث دخل فيه أبو بكر رضي الله عنه ووجه عائشة إلى خلال تطل منها على الأحباش وهم يزفنون ووجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجدار، فقال أبو بكر رضي الله عنه في غضب شديد: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ .. فقال صلى الله عليه وسلم: دعها أو دعهم فإنهم في يوم عيد .. وموقف رابع إذ فقدت عائشة رضي الله عنها خاتمها في سفر فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه للبحث عن الخاتم في الإسفار، فجاء الصديق رضي الله عنه يرتعش ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم على فخذ عائشة، فكان الصديق (رضي الله عنهم جميعاً ووهب إساءتي لإحسانهم، لمحبتي لهم) ينخس شاكلتيها بسبابته، ويعنف عائشة باللوم بمثل: أتحبسين رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل خاتمك؟! .. فكانت عائشة رضي الله عنها تتصبر على ألم، ولا تتحرك تخشى أن يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

وموقف خامس: في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: (مروا أبا بكر فليصل بالناس)، وتكريره ذلك وغضبه لما تعلل بعض الصحابة بأن أبا بكر رجل أسيف .. أي بكّاء من خشية الله تحشرج التلاوة في صدره .. إلى آخر القصة عندما قال الصديق: ما كان لابن أبي قحافة أن يؤم بحضور رسول الله أو يؤم برسول الله - نسيت، وكل ذلك من الذاكرة - رضي الله عنه وعن أبي قحافة؟! ..

وموقف سادس: عندما أيقظ الناس وقد ذهلوا بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفقد عمر بن الخطاب رضي الله عنه صوابه وهو يخطب ويتوعد من قال: (إن محمداً مات)، فأراد من عمر أن يسكت، وقال له: (أيها الحالف على رِسلك)، فأبى عمر السكوت، فقام أبو بكر رضي الله عنه وخطب، وانصرف الناس إليه، وارتجل خطبته الكريمة التي ذكر فيها الناس، واستدل بقوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ} (144) سورة آل عمران.

وموقف سابع وثامن وتاسع ... عن صلابة الصديق رضي الله عنه - على الرغم من ضعفه وكبر سنه - مع مانعي الزكاة، وتجهيز جيش أسامة رضي الله عنهم، وذهابه إلى فاطمة رضي الله عنها يستعتبها ويرضيها ويشهد لها بما سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشهد به الآخرون: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة) حتى بكي وبكى آل هاشم رضوان الله عليهم، وكان عمر رضي الله عنه مشفقاً من ذهابه وحده إلى بني هاشم، فانفتل منه الشيخ وكأنه في الفتوة ..

وموقف عاشر: عن إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه .. وموقف فوق العاشر: عندما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة فاتحاً منتصراً مطأطئاً برأسه الشريف إلى الأرض تواضعاً وحمداً لربه وأسود النهار رهبان الليل رضي الله عنهم يحفون به من كل جانب .. ومواقف أمثالها كثيرة لا أحصيها عداً، فهذه مواقف أقرؤها أو أسمعها فتهزني، ويحصل لي إجهاش ونشوة وتفدية ومحبة، ثم تراكمت هذه المواقف في ذاكرتين وتراكمت مشاعرها في قلبي، فكنت في وحدتي وخلوتي أسرح في الخيال، وأركب من تلك المواقف والمشاعر مواقف كأنها واقعية أحلم بها في يقظتي بابتداع موقف نلت به ابتسامة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو دعاء، أو ثناء، وكل ذلك من أماني المحال، للبعد الزمني .. والخناس الوسواس أذل وأحقر من أن يوسوس لي بهذه السريالية الخيرة حتى تنفصم بها شخصيتي، لأنها منبثقة من إيمان ومحبة وأماني خير أرجو أن أثاب عليها .. ونية المؤمن خير من عمله, وذلك حديث قرأته في أحد شروح الإمام ابن عبد البر رضي الله عنه وفي غيره، وهو حديث ضعيف، ولكنه صحيح المعنى، فالنية الصالحة لا يدخلها نقص ولا رياء والعمل يدخله ذانك، والله سبحانه يكتب للمسلم أجر نيته، ويكتب له ما كان يعمله من الخير إذا أقعده مرض، لأن ذلك العمل في نيته وعادته يوم كان صحيحاً .. ولكنني أقطع هذه السريالية ولا أصوغها في عمل أدبي، لأن ذلك تزكية للنفس، وإنما كتبت سرياليتي في أمر مباح نشر أو سينشر في احدى الدوريات بعنوان: (الحية من الحياة).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير