تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أخبار آل الأسكر باستقصاء حسب القدرة، لأعلم مدى صحة القصيدة القافية التي هي من موضوع محاضرته، فسجلت رسالة عن آل الأسكر من ناحية حياتهم وحديثهم وشعرهم، وعنيت بالقصيدة القافية المتعلقة بعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعتب أمية بن الأسكر عليه ليرد عليه ابنه كلاباً، أو ابنيه كلاباً وأبياً وهما في الغزو والجهاد، وكان أمية قد أوشك عمره على مئة وعشرين عاماً، وقد خرف، فوجدت في المصادر على مدى ستة قرون اختلافاً كثيراً. واضطراباً شديداً، والقصة لها أصل ضعيف محدود، فتورمت بالاضافات والنسيج من قبل كل راو كابن الكلبي وابي اليقظان وإبراهيم البيهقي صاحب كتاب المحاسن والمساوئ، وهو رجل مجهول العين والحال، فمثل هذا الوعظ تنقبض منه نفسي للمبالغة في الأداء، ولأن النص غير موثق، بل فيه تناقض واضطراب .. وإن في النصوص الشرعية الصحيحة ثبوتاً ودلالة ما يغني ويرضي العقل ويستجيش المشاعر .. كما أسمع في رمضان برامج وعظية تستفتح بنوع من الضجيج والتباكي الذي يجلب الغثيان، ودين الله صدق لا تكلف فيه ولا تعمل.

قال أبو عبدالرحمن: وقد يوجد من يتورم عقله بالغرور، فيعتقد أن آثار الخناس الوسواس شيء تخيله الإنسان فصدقه .. وربما زم شفته أمام تجارب المسلمين المتواترة وقال: (أين أهل العقول؟!)، فهذا بين له البراهين العلمية برفق إن وجدت منه اضغاء، ولا تزده جدالاً، بل أجبه عما يسأل عنه برفق، فذلك أرفق به، وادع الله له بالهداية، لأن من بلغ منه الغرور بعقله الفردي إلى هذا الحد في مكابرة الشرع والتجارب المتواترة يخاف عليه أن يتمادى به العناد، فينحرف إلى ردة، وإنما أمرنا أن نكون مبشرين لا منفرين .. وسبق هؤلاء المغرورين زنادقة افتروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذب مثل: (لو اعتقد أحدكم في حجر لنفعه)، ليجعلوا الإيمان سكوناً إلى أمر غير صحيح تنتفع به النفس إذا اعتقدته .. مع أن المؤمنين إنما يقيمون إيمانهم على البراهين العلمية، ولا يأنسون بالباطل، والله المستعان.

هوامش

(1) قال أبو عبدالرحمن: الغَنَاء بفتح الغين المعجمة اسم لكفاية وإجزاء من يقوم بكفايتك ما تريده من مال أو فعل.

(2) قال أبو عبدالرحمن: لاحظتُ بعض المرات تعمد الشيخ محمد رفعت رحمه الله طمر آيات الإيعاد بالنار، وحرصه على ترديد آيات الوعد بالجنة .. وتلك طريقة غير محمودة انتهجها التبليغيون، وهذا تجهيل منهم لربهم سبحانه الذي أرسل رسله عليهم الصلاة والسلام مبشرين ومنذرين، وما في ذلك من حكمة قهر الذنوب بالخوف من الله، والإكثار من الخير طلباً لمزيد النعم، وهذه حال العباد الصالحين كما قال سبحانه عن آل زكريا عليهم السلام: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (90)، سورة الأنبياء (89 - 90) بل يُغلب المسلم جانب الخوف حال صحته ونشاطه؛ فإذا ضعف وكانت عبادته على قصدٍ وكُلفة فليغلّب جانب الرحمة والعفو وحُسن الظن بربه مهما علم من نفسه من ذنوب وتقصير .. ومن نماذج ما لاحظته على الشيخ ههنا أنه تلا من سورة المائدة ابتداء من قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ .. } حتى وصل إلى قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36) يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} (37) سورة المائدة (36 - 37)، فلم يقرأ هاتين الآيتين في الإيعاد، ثم تعوذ وبسمل، وتلا ما بعدهما .. وكان يقرأ في سورة هود إلى أن وصل إلى قوله تعالى: {وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ (100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير