حتى تتبين لكم وجهة نظري في فهم الآية الكريمة سأسير في مقدمات ونتائج منطقية كما يلي:
المقدمة الأولى: ليس كل من زعم أنه غير مشرك، يُسلَّم له بذاك .. فقد يكون مشركاً وهو يظن نفسه موحداً.
قال تعالى: ": " وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ". [يونس: 18].
فأولئك القوم ضنوا أنهم لم يكونوا مشركين .. لكن ((واقع الحال)) يقتضي أنهم مشركون.
لهذا لا يُلتفَت يوم القيامة لصراخهم: " وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " [الأنعام: 23].
وكحال من يتوسل بالأولياء والشفعاء من غلاة الصوفية والشيعة، حيث يظنون في أنفسهم التوحيد لكن في حقيقتهم مشركون.
المقدمة الثانية:
بدعة التثليث ظهرت في (المسيحية) على يد بولس. ورفض كثير من طوائفهم ذلك كالأبيونية و ... و ... و (الناصريين).
بل كانت طائفة (الناصريين) أقدم من طائفة (المسيحيين) حيث بنيت أول كنيسة في القدس بعد [صلب يسوع] على يد يعقوب (أخو يسوع) وبطرس اللذان كانا من أشد الموحدين (الناصريين) .. فلم يختلفوا مع دين اليهود إلا في الإيمان بنبوة المسيح فقط .. واستمر الموحدون مسيطرين على كنيسة القدس (أول كنيسة في العالم) حتى عام62م. حين قتل الرومان رئيسها (شمعون).
انظر كتاب: " بولس وتحريف الكنيسة ( http://mysite.verizon.net/muhtadoon/books/a/A003.zip) ".
ثم حاربت طائفة (المسيحيين) الأقرب إلى الوثنية باقي الطوائف وخاصة الناصريين والأبيونيين .. في مجازر مات خلالها الآلاف.
وهاجر قليل ممن نجا منهم إلى شتى بقاع العالم.
المقدمة الثالثة:
يرفض من يسمون أنفسهم (مسيحيين) مناداتهم بـ (النصارى) حتى لا يُنسبوا إلى تلك الطائفة.
كما (مع فارق التشبيه) يرفض المسلم أن تناديه يا قادياني يا بهائي .. فالقاديانية والبهائية ليس إسلاماً بأي حال.
لكن اليهود لا يرفضون ذلك .. فهم يهود ويفرحون حين تناديهم يهود ... وإلا لاتهموك بمعادة السامية!!
النتيجة:
من نسميهم (نصارى) هم عدة أصناف:
- صنف قريب من اليهود ويسمون المحافظون الجدد ويسميهم بعض النصارى: المسيحيين المتصهينين. أولئك لا يمكن أن يكونوا أقرب مودة إلى المسلمين من اليهود .... لأنهم ببساطة .... يهود!!
بل خدماتهم للأفكار اليهودية ومشاريعها .. وإخلاصهم لهم أشد من إخلاص كثير من اليهود ..
- صنف يكابر ويعاند في دعوى التثليث .. ويستخدمون أبشع طرق التنصير بالإكراه والإغراء (الذي في حقيقته إكراه!!).
وهؤلاء أقرب إلى (الذين أشركوا) وإن قالوا إنهم موحدين ما يسمى (الوحدانية الجامعة) وانظر مثلاً هل المؤمن بالنص التالي موحد أم مشرك:
جاء في الإنجيل: " يسوع الذي في الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس .. " [أعمال10/ 38]. بحسب الوحدانية المزعومة، فإن النص يصبح هكذا: ((مَسَحَ اللهُ اللهَ باللهِ)) فكيف يكون الله ـ سبحانه وتعالى عما يصفون ـ ماسحاً وممسوحاً وممسوحاً به في الوقت ذاته؟
وتأمل النصّ التالي في أنجيل متى [21/ 37]: " فأخيراً أرسَلَ إليهم ابنه قائلاً: يهابون ابني ". أي أن اليهود لم يهابوا الله، فأرسل ابنه ليهابوه ـ حيلةً منه!! ـ .. ولكن لماذا لجأ الأب الى تلك الحيلة؟ وكيف لمن لم يخشى الأب أن يهاب الابن؟ ومن الذي أكسَبَ الابن الهيبة؟! وأي هيبة للابن وقد علقوه على الصليب، وأهانوه قبل ذلك وبعده؟!!
والأهم: لولا أن الآب وابنه (شخصيتان) منفصلتان لما أرسله بدلاً منه حين فشل!!
و صرح بولس بأنه دعى النصارى إلى الشرك: " أمين هو الله الذي به دعيتم إلى شركة ابنه يسوع المسيح ربنا " [كورنثوس الأولى1/ 9]. تأمل لفظ (شركة)، فقد جعل الابن شريكاً لله. إنه الشرك بالله، الشرك الواضح ..
إن لم يكن كل ذلك شرك .. فما هو الشرك إذاً؟
- طوائف قليلة متفرقة من عقلاء النصارى الموحدين الرافضين القبول بشركيات التثليث وغالب علمائهم (في الطبيعيات) كذلك.
بل هم أقرب إلى الإسلام من طوائف في حقيقتها تنتسب إلى (اليهود والذين أشركوا) هؤلاء لا يستكبون فعلاً.
وقد عاشرت عدداً كبيراً منهم كان إذا أسلم وعرف الحق تدمع عينه مباشرة ..
صدقوني إخوتي كانوا يبكون ويُبكون من يسمعهم في غرف (البالتوك) على الإنترنت .. بل منهم رئيسة غرفة تنصيرية.
=======================
فهمي للآية الكريمة:
كلما كان (المسيحي) أقرب إلى (النصرانية) كان أقرب مودة إلى المسلمين.
وما سوى ذلك من (المسيحيين) هم في الحقيقة من اليهود أوالذين أشركوا .. على تفصيل.
ومن ثم: هم أشد الناس عداوة للمسلمين.
ملاحظة أخيرة: لا يعني أن النصارى أقرب مودة من اليهود أن النصراني يودك.
وللتوضيح: لو قلنا إن اليهودي يبغض المسلم (85%)
فإن النصراني يكره المسلم (75%)
ومن ثم فإن كلاهما لا يود المسلمين في الحقيقة.
فضلاً عن بعض (المسيحيين اليهود) الذين يبغضون المسلمين (95%)
فهو (ود دون ود ... وبغض أشد من بغض ... )
والله أعلم
هذا ما يسر الله به .. وأسأله التوفيق والسداد والرشاد ..
واعذروني على الإطالة إخوتي
مع محبتي
¥