تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يقول الرازي: والرحلة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى رحلة مختارة من اللطيف الخبير، تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى محمد خاتم النبيين ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتربط بين الأماكن المقدسة لديانات التوحيد جميعاً. وكأنما أريد بهذه الرحلة العجيبة إعلان وراثة الرسول الأخير لمقدسات الرسل قبله، واشتمال رسالته على هذه المقدسات، وارتباط رسالته بها جميعاً. فهي رحلة ترمز إلى أبعد من حدود الزمان والمكان؛ وتشمل آماداً وآفاقاً أوسع من الزمان والمكان؛ وتتضمن معاني أكبر من المعاني القريبة التي تتكشف عنها للنظرة الأولى.

5 - كل أنبياء بني إسرائيل صلوا خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم و في هذا إيماء إلى أن النبوة انتقلت من بني إسرائيل إلى هذه الأمة المحمدية و التي أصبحت رافعة راية التوحيد وهي التي عليها البلاغ ...

6 - الحكمة من إسرائه من بيت المقدس دون مكة لأنه محشر الخلائق فيطؤه بقدمه ليسهل على أمته يوم القيامة وقوفهم ببركة أثر قدمه أو لأنه مجمع أرواح الأنبياء فأراد الله أن يشرفهم بزيارته صلى الله عليه وسلم أو أسوى به منه ليشاهد من أحواله و صفاته ما يخبر به كفار مكة صبيحة تلك الليلة فيكون إخباره بذلك مطابقا لما رأوا و شاهدوا و دليلا على صدقه في الإسراء. (فتح الرحمن -الأنصاري)

7 - سر الربط بين المسجدين (من كتاب "حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية" تأليف: د. صلاح الخالدي):

ربطت سورة الإسراء ربطاً دقيقاً بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، وهناك سر بديع لطيف للربط بين المسجدين، فمن بعض حِكم هذا الربط:

أ - المسجد الأقصى وما حوله شهد وجود رسالات سابقة، منها اليهودية والنصرانية، كان أصحابها هم الخلفاء على الناس، والأمناء على الدين والإيمان، والوارثين للأرض المباركة. والمسجد الحرام شهد بداية الرسالة الجديدة الخاتمة، وولادة الأمة الإسلامية أمة الخلافة والوراثة والأمانة. فبما أن الأمة الجديدة تقيم حول المسجد الحرام، فلا بد لها كي تحقق خلافتها وأمانتها على البشرية من أن تتملك ما حول المسجد الأقصى، وأن ترثه هي من الذين يقيمون حوله.

ب - أن السورة تريد من المسلمين أن يُحسنوا النظر للمسجد الأقصى وما حوله فهو مبارك ومقدس كبركة وقدسية المسجد الحرام وما حوله.

ج - تحذير المسلمين من المؤامرات المعادية ضد المسجدين، ومن أطماع الأعداء الكافرين في المسجدين، وأن الخطر الذي يتهدد المسجد الأقصى، هو الخطر الذي يتهدد المسجد الحرام. فلما أخذ الصليبيون الأقصى وما حوله، واستقروا فيه، توجهت أنظارهم وبرامجهم ومطامعهم نحو المسجد النبوي في المدينة المنورة، والمسجد الحرام في مكة المكرمة، فقام " أرناط، ملك الكرك الصليبي، بعدة محاولات لاحتلال بلاد الحجاز، كادت تنجح لولا أن الله هيأ لهذه الأمة صلاح الدين الأيوبي.

د - أن السورة تقدم للمسلمين المستضعفين في مكة المحاربين هناك بشرى ربانية، بالفرج والنصر والتمكين، فستنتهي تلك المرحلة الحرجة التي يعيشونها في مكة، وسيكتب الله لهم التمكين، فيفتحون البلاد، ويصلون للمسجد الأقصى والأرض المباركة، متابعين خطى رسولهم صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، ويفتحون تلك البلاد، ويقيمون عليها حكم الله، ويعيدون تشييد المسجد الأقصى وبناءه. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان ممهداً لفتح بلاد الشام، وكان إسراؤه إلى المسجد الأقصى إرهاصاً ربانياً بفتح المسلمين الحقيقي القادم لهذه الأرض.

أما المعراج فقد وقع ذكره في سورة النجم و لم يذكر في سورة الإسراء و ذلك لـ:

1 - تعجيز المشركين بحادثة الإسراء فقد كانت الرحلة من مكة إلى بيت المقدس تستمر شهرا كاملا و هم يعرفون أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يذهب إليها قط لذلك أنكروا " الحادثة الأرضية" و لم يستطيعوا إنكار " المعراج ".

2 - تخصيص الإسراء دون المعراج في هذه السورة (بني إسرائيل) للتأكيد على علاقة الإسلام (مكة) بالشرائع السابقة (القدس) و هيمنته عليها.

و الله أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير