تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 ـ إن الشكَّ في كتبهم بدأ من عندهم، وباحثوهم المشككون في أخبار أسفارهم لا زالوا في تزايد وتنامي.

3 ـ إن عندنا نحن المسلمين أصلاً نقيس عليه، وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك مما لم أجد من اعتمد عليهما في النقل والتقويم من كثير من الباحثين الغربيين وغيرهم ممن سار على خطاهم، فضلاً عن أن يجعلهما حجة يحتكم إليهما.

4 ـ إنَّ قضايا الكون في كتب الله لا يمكن أن تتغير، فلا يمكن أن تكون السموات في التوراة ـ مثلا ـ ستًّا، فلو كانت كذلك لعلمنا بما صح عندنا من النقل خطأ ذلك، ووقوع التحريف فيه.

وأقول: إن ورود بعض قضايا العلوم الكونية والعلوم التجريبية في كتبهم ـ إذا صحت هذه القضايا ـ فهي من بقايا الحق الذي عندهم فحسب، وإلا فأنت تعلم ما قامت به الكنيسة من محاربة علماء الطبيعة وقتلهم بزعم أنهم كفرة مهرطقون، ولا زالت تلك السبة عارًا على الكنيسة بعد أن تخلى عنها أهلها، واتجهوا إلى هذه العلوم، ففقدتهم بسبب جهل أربابهم ورهبانهم وقساوستهم.

5 ـ إن قضايا العلم التجريبي والكوني ـ مهما ادعى أصحابها بكونا حقيقة ـ لا يمكن الوثوق بها؛ لأن الناس يرون ما في العلم من تطور متسارع ينقض آخرُه أولَه، وكان ذلك الأول ـ فيما يزعمون ـ حقيقة علمية لا رجعة فيها. فإذا كان الأمر كذلك، فإن الحكم بصحة ما جاء في كتب بني إسرائيل لا يكفي فيه مطابقته للعلوم المعاصرة، وأقصد من ذلك أن العلوم المعاصرة ليست ميزانًا نزن به صحة الأقوال من عدمها؛ لأن أصحابها يختلفون فيها، ويأتي الواحد منا فيختار الذي يتناسب مع الوحي الذي عنده على أنه هو الحق الذي لا مرية فيه، وقد يكون الحق خلافه، والوحي الذي يُستدل به لا يدل على هذه القضية، بل هو بمعزل عنها.

ولا أريد أن يُفهم عني أنه لم يقع مطابقة بين العلوم المعاصرة وما في كتابنا، بل لقد وقع ذلك، وذلك مما يدل على صدق كتابنا، لكن الملاحظ أن بعض الناس يزعم أن تلك القضية من قضايا العلم المعاصر حقيقة علمية لا رجعة فيها، وهو لا يستطيع أن يثبت أنه لا رجعة فيها حتى نثق بذلك، فأقول: إن الأَولى بمثل من يتكلم في ذلك أن يبين ثبوت هذه القضية، ولا يكفي في ثبوتها نقل واحد يحتمل قوله الخطأ والصواب، وقد يكون فهمه قاصرًا عن إدراك الحقيقة العلمية أو الحقيقة القرآنية، ثم بعد ذلك يُنظر في صحة احتمال القرآن لتلك القضية المعاصرة.

6 ـ إن مما يخفى على بعض من أعتنوا بالتفسير العلمي أن الصحابة كانوا يعلمون من دقائق هذا الكون ما لايعلمونه هم اليوم، ولقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء كثيرة، ومما سألوا عنه أول الخلق كيف كان، فقد روى البخاري بسنده، قال:حدثنا عبدان عن أبي حمزة عن الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال: ((إني عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه قوم من بني تميم فقال (اقبلوا البشرى يا بني تميم). قالوا بشرتنا فأعطنا فدخل ناس من أهل اليمن فقال (اقبلوا البشرى يا أهل اليمن إذ لم يقبلها بنو تميم). قالوا قبلنا جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان قال (كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء ثم خلق السماوات والأرض وكتب في الذكر كل شيء). ثم أتاني رجل فقال يا عمران أدرك ناقتك فقد ذهبت فانطلقت أطلبها فإذا السراب ينقطع دونها وايم الله لوددت أنها قد ذهبت ولم أقم)).

فانظر في هذا الحديث، لقد سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بدأ الخلق، فأجابهم ولم يردهم لضعف عقولهم أو علومهم، كما يزعم بعض من ضعفت معرفته بعلم الصحابة، فيظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبر الصحابة عن قضايا الكون لأن عقولهم قد لا تحتمل ذلك.

فانظر في العلوم الكونية اليوم، هل تجد مثل هذا العلم النبوي عن الكون؟!

وتأمل سؤال هؤلاء الصحابة الكرام عن هذا الكون، وكيف أخذوا من المصدر الموثوق وتلقوا ذلك بالقبول، ولم يكذبوا به، وأنَّى لهم ذلك، وقد آمنوا بما هو اعظم من ذلك، وهو الوحي الذي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم.

7 ـ ليتك ذكرت مثالاً على قضيتك التي طرحتها، فهل يوجد من اعتمد على الإسرائيليات في التفسير العلمي؟ وما أمثلة ذلك؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير