تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أن جمهور العلماء والكثرة الساحقة منهم تجيز التوسل بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأردت أن أزيد في هذه النقولات ولكني أحسست بدنو أجلي وتذكرت قول الله تعالى:"وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه" وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-:"من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة".

فكان هذا الموضوع.

وقبل أن أبدأ دعوني أذكركم أن هذا كله مع كثرته ما توافر لي من مراجع ولا أشك أن هناك المزيد في مراجع أخرى ولكنها لا تتوافر لدي. فتقبلوا جهد المقل.

وقد يأتي قائل فيقول: لقد فتحت موضوعا آخر ذكرت فيه أحاديث وآثار وضعفتها فأقول:

فتحت الموضوع الماضي لأني اعتقد أن هذه الأحاديث ضعيفة أو موضوعة خوفا من حديث النبي الكريم-صلى الله عليه وسلم-:"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" أما هذا الموضوع -الذي نحن فيه- فهو يناقش الموضوع فقهيا ويثبت أن جمهور العلماء قد قال بالجواز.

ولي رجاء أخير: عدم التنقص من العلماء المانعين للتوسل فغاية ما أرادوه هو سد الذريعة إلى ما وصل إليه الحال هذه الأيام عند المقامات والأضرحة مما حذر منه المجيزين للتوسل أنفسهم فقد قال الشيخ عبد الله الغماري في كتابه "الدر الثمين":

(رأيت أن أقوم بواجب النصيحة فأنبِّه على ما شاع بين كثير من الناس في توسلاتهم وزياراتهم للأولياء، فقد توسعوا في ذلك توسعاً غير مرضي، وخرجوا عن الحد المشروع وفاهوا بألفاظ منكرة مثل: يا سيد اشفعني سقت عليك النبي. الشكوى لأهل البصيرة عيب. العارف لا يعرف. خلِّ بالك معي، أنجحني في القضية الفلانية، أعطب عدوي، إلى ألفاظٍ من هذا القبيل ظاهرها يقتضي الكفر، مع ما ينضم إلى ذلك من تقبيل العتبات والأبواب والتمسح بالحديد والخشب والدخول إلى الضريح على هيئة الراكع الساجد مع تكيف الأيدي خلف الظهر.

وكل هذا ممنوع غير مشروع، والأولياء أنفسهم لا يرضون به.

فعلى المسلم الشحيح بدينه أن يكف عن كل لفظ موهم وكل تعظيم يؤدي به إلى المحظور الممنوع كتقبيل وتمسح وسجود وركوع، وإن كان أحمد بن حنبل أجاز تقبيل قبر النبي وقال لا بأس به. هذه نصيحتي إليك فاعمل بها واحرص عليها، والله يتولى هداك) انتهى كلامه رحمه الله.

والآن إلى الموضوع.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ج 14 ص 156:

اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبي (ص) بعد وفاته كقول القائل:

اللهم إني أسألك بنبيك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك، على أقوال: القول الأول:

ذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة) إلى جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي أو بعد وفاته. (1)

قال القسطلاني: وقد روي أن مالكا لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي - ثاني خلفاء بني العباس - يا أبا عبد الله أأستقبل رسول الله وأدعو أم أستقبل القبلة وأدعو؟ فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله عز وجل يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله.

وقد روى هذه القصة أبو الحسن علي بن فهر في كتابه (فضائل مالك) بإسناد لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه. (2)

وقال النووي في بيان آداب زيارة قبر النبي (ص): ثم يرجع الزائر إلى موقف قبالة وجه رسول الله (ص) فيتوسل به ويستشفع به إلى ربه، ومن أحسن ما يقول (الزائر) ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له، قال: كنت جالسا عند قبر النبي (ص) فجاءه أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله. سمعت الله تعالى يقول:

(ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما).

النساء / 64، وقد جئتك مستغفرا من ذنبي، مستشفعا بك إلى ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * وطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم

وقال العز بن عبد السلام: (ينبغي كون هذا مقصورا على النبي (ص) لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم على الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون مما خص به تنبيها على علو رتبته).

وقال السبكي: (ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي إلى ربه).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير