تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

عليهم كتاب وفي هذه الآية دليل واضح على أن الأمية نقيصة لافضيلة.

والمشترك بين معنى الأميين في الآية "وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ" والأميين في الآية "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"لا يمكن أن يكون إلا الجهل والضلال.

والدليل على أن الأمية بمعناها العام ضلال قوله تعالى "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" فالتزكية ومعرفة الكتاب والحكمة رفعت عن الأميين الضلال المبين والذي هو الأمية بمعناها العام.

كما أن الدليل على أن الأمية ظلام قوله تعالى "الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ " (إبراهيم 1) والناس هنا هم الأميون وقوله تعالى "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ" (إبراهيم 4) وقوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ" (الحديد 9).

والعرب قبل البعثة النبوية كانوا أميين بالمعنى الخاص للأمية وذلك لعدم تفشي الكتابة بينهم كما أنهم كانوا أميين بالمعنى العام لعدم وجود نبي وكتاب فيهم. وكان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أمياً بالمعنيين أيضا ودليل ذلك قوله تعالى "وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى" (الضحى 7). ولكن الأمية بمعناها العام ارتفعت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بعد نزول الوحي عليه كما أن الأمية بمعناها الخاص بقيت ملازمة له لأنه لايعرف الكتابة ولكن ملازمة الأمية لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- فضيلة وكمال وفي غيره نقيصة.

وإذا كانت الأمية بمعناها العام لاترتفع عن نبي يوحى إليه من ربه الهدى والحكمة والعلم فما الذي يرفعها إذن؟. وكيف لاترتفع الأمية عن سيد الأولين والأخرين –صلى الله عليه وسلم- والذي اختصه الله بالرسالة الخالدة من بين بلايين البشر من عرب وعجم وأنبياء ورسل.

وخلاصة القول أن الأمية بمفهومها العام ارتفعت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ارتفاعاً لم ترتفعه عن أحدٍ من قبله ولا بعده ذلك أنه أعلم الناس بالله وملائكته وكتابه كما أن علمه بالله وملائكته وكتابه علم يقيني لايخالطه شك أو ريب فكيف يصبح أمياً بعد ذلك.

ومما يدلل على أن ألأمية في رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فضيلة وكمال أنه استغنى عن الكتابة والقراءة بالوحي الذي يوحيه إليه ربه، وإنما يحتاج إلى القراءة والكتابة من لايوحى إليه فكم كشف الله له من الحجب التي لايمكن أن تكشف لكاتب أوقارئ ومنها ماكشفه سبحانه وتعالى له في الإسراء والمعراج، ومنها عندما ضرب على الصخرة فقال الله أكبرفتحت فارس، والذي نفسي بيده، إني لأرى قصور المدائن الحمراء الساعة. الله أكبر فتحت الروم، والذي نفسي بيده إني لأرى قصور بصرى البيضاء الساعة. الله أكبر فتحت اليمن، والذي نفسي بيده إني لأرى قصور صنعاء الساعة. ومنها عندما بشر سراقة رضي الله عنه بسواري كسرى وكيف يحتاج إلى الكتابة من سمع حنين الجذع ومن اشتكى له الجمل وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لذكره. ومن كانت هذه صفاته فهو مستغن عن الكتابة، والكتابة غير مستغنية عنه كما أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قد استغنى بالقرآن عن الشعر ذلك أن الكامل مستغن عن الناقص.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير