في أيام الجاهلية كانت تعرف الحساب وتعد الشاء والنوق والإبل والنجوم.
7 - ثم لو فرضنا أن عدم معرفة الحساب أمية, ما الحساب الذي ترتفع به الأمية عن الأمة؟ هل هو حساب جدول الضرب أو حساب الفرائض أو حساب الفلك. والحساب أنواع كثيرة جدا فمنه الجبر والجبر ينقسم إلى خطي وغير خطي ومنه الهندسة الفراغية وحساب المثلثات و المعادلات التفاضلية الخطية وغير الخطية و الفئات والحساب المالي والاقتصادي والهندسي والإحصاء والتحليل العددي وكثير مما لانستطيع بسطه إلا في كتاب مستقل. ونسأل القائلين بالتعليل, أي حساب ترتفع به الأمية عن الأمة؟ وهل يجب على الأمة جميعها أن تكون عالمة بجميع أنواع الحساب حتى ترتفع عنها الأمية؟ أم يكفي علمها ببعض أنواعه وإذا كان لايجب على الأمة جميعها أن تكون عالمة بالحساب فما هو الحد الأدنى للعالمين به حتى ترتفع عن الأمة الأمية.
8 - ثم هل الأمية محصورة بعدم معرفة الحساب والكتابة أم أنها تتعدى إلى غيرها مما لاتعرفه الأمة اليوم من صناعة سيارات وطائرات وصواريخ فمتى قسنا أمتنا اليوم بباقي الأمم سوف نحكم عليها بالجهل لا بالأمية فحسب لعدم إحاطتها بكثير مما يحيط به الغرب.
9 - وإذا كانت معرفة فئة قليلة من الأمة بالحساب الفلكي ترفع عن الأمة المسلمة الأمية فإن معرفة بعض الصحابة بالكتابة والحساب ترفع عن صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الأمية أيضا. ولا يخالجني شك أن نسبة الكاتبين الحاسبين من الصحابة أكثر بكثير من نسبة العارفين بالحساب الفلكي من الأمة المسلمة اليوم.
10 - ثم ماذا يقول القائلون بالحساب متى علموا أن دراسة مقارنة استندت عليها الإليسكو اظهرت أن نسبة الأمية في العالم العربي ستصبح الأولى في العالم بعد أن كانت الثانية بعد أفريقيا وليس هذا فحسب بل إن متوسط عدد الأميين في العالم العربي اقترب من ضعف المتوسط العالمي. وكيف لو علموا أن نسبة العاملين في البحث العلمي في العالم العربي لاتتجاوز 300 عالم لكل مليون عربي بينما هي في أمريكا تتجاوز 4000 وفي أوربا تزيد عن 2000 وكيف لو علموا أيضا أن عدد الكتب المنشورة في العالم العربي أقل من ثلث الكتب المنشورة في إسرائيل على الرغم من أن اليهود في فلسطين 7 ملايين والعالم العربي تجاوز 320 مليون. وإنه ليجوز لنا بعد هذا كله أن نسأل بعد هذه الأمية التي لاتعادلها أمية في العالم هل يعتبرنا القائلون بالحساب غير أميين وتصبح علة الأمية مرتفعة عنا.
ومن هنا يتبين لنا أن قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "إنا أمة أمية لانكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا" أنه يجب أن نكون على الحالة التي خرجنا عليها من بطون أمهاتنا في عدم معرفة الكتابة والحساب حيال صومنا وفطرنا.
كما أن تعليل النصوص الشرعية بهذه الطريقة يجيز لمن يريد من أهل الهوى أن يجعل من بعضها خاصا بفترة النبوة دون غيرها ليهدم ما أراد من أصول الدين وفروعه. ولن يعدم صاحب الهوى قرينة يتأولها للوصول إلى مايريد وهذا يفتح المجال لكل متلاعب وعابث يريد أن يعبث في هذا الدين والذي يقول بتعليل النصوص بهذه الطريقة كأنه ينفي شمول هذا الدين وصلاحه لكل زمان ومكان.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Oct 2005, 02:25 م]ـ
أرحب بالأخ العزيز، والأديب البارع، الدكتور محمد بن صبيان الجهني رئيس قسم الهندسة النووية بكلية الهندسة بجامعة الملك عبدالعزيز. وهو أديبٌ ذواقة، وشاعر مفلقٌ، وفوق ذلك له نظراته العلمية الدقيقة مثل هذا البحث الدقيق الذي أفادنا به في هذه المشاركة الأولى له في ملتقى أهل التفسير، وأنا أعلم أن لها أخوات مثلها في العمق العلمي، ودقة الاستنباط.
أسأل الله أن يوفق أبا عبدالرحمن لكل خير، ومرحباً به مرة أخرى.
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[16 Oct 2005, 09:29 م]ـ
لقد سعدت كثيراً بهذه المشاركة يا دكتور محمد , وأتمنى أن تتحفنا دائماً بهذه الدراسات في هذا الملتقى المبارك ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Oct 2005, 02:08 ص]ـ
وهذا موضوع له صلة للدكتور محمد بن صبيان الجهني أيضاً ..
الحساب الفلكي بين القطعية والاضطراب ( http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=24&catid=183&artid=6059)