وذكر الرازي- أيضًا- أن النصيب والكفل بمعنى واحد، وحكى عن أهل اللغة قولهم: إن الكفل هو الحظ، ثم قال:" والغرض منه التنبيه على أن الشفاعة المؤدية إلى سقوط الحق، وقوة الباطل، تكون عظيمة العقاب عند الله تعالى"0 (تفسير الرازي:10/ 158) 0
ثالثًا- قول الألوسي الذي ابتدأنا به، وهو قوله: النصيب بمعنى الحظ الوافر. والكفل هو النصيب من الوزر، يعني أن كلا من النصيب، والكفل بمعنى: الحظ الوافر0 وهذا الحظ الوافر هو حظ معين، ومعلوم0 وقد فسر الراغب في مفرداته النصيب بأنه:" الحظ المنصوب. أي: المعيَّن ".
والدليل على كونه وافرًا قوله تعالى: (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) 0 والدليل على كونه معينًا قوله تعالى: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبًا مفروضًا) 0 وقوله تعالى على لسان إبليس: (لأتخذن من عبادك نصيبًا مفروضًا) 0
ثالثًا- ذكر الفيروز آبادي من معاني الكفل: الضعف، والنصيب، والحظ00 وذكر ابن منظور من معاني الكفل: الحظ، والضعف من الأجر والإثم، ثم قال: والكفل أيضًا: المثل0 ونقل عن الفرَّاء قوله: إن الكفل هو الحظ0
وقال ابن فارس:" والكفل في بعض اللغات: الضعف من الأجر"0
وذكر الخليل من معاني الكفل: النصيب، ثم قال: والكفل من الأجر والإثم: الضعف0
وأقرب الأقوال إلى الصواب في تفسير الكفل هو: الضعف من الوزر، أو الإثم0
رابعًا- اختلف المفسرون في المراد من الشفاعة الحسنة، والشفاعة السيئة على أقوال، ولكنهم اتفقوا على أن الحسنة منها ما كانت في البر والطاعة ابتغاء مرضاة الله0 وأن السيئة منها ما كانت في معصية الله ابتغاء لجاه أو غيره0 ومنها الشفاعة في حد من حدود الله تعالى0 قال الألوسي:" وفي الخبر: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضادَّ الله تعالى في ملكه، ومن أعان على خصومة بغير علم، كان في سخط الله تعالى حتى ينزع، واستثني من الحدود القصاص0 فالشفاعة في إسقاطه إلى الديَّة غير محرمة "0 (روح المعاني للألوسي:5/ 97 (
وقال الثعالبي:" روى أبو داود عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من يشفع لأحد شفاعة، فأهدى له هدية عليها فقبلها، فقد أتى بابًا عظيمًا من أبواب الربا " (تفسير الثعالبي:1/ 371 (
ولهذا كانت عقوبة الشفاعة السيئة عظيمة عند الله تعالى تتناسب مع المعنى الذي يؤديه لفظ الكفل، وليس كذلك السيئة، التي تجزى بمثلها0
ـ[شاهد]ــــــــ[22 Oct 2005, 09:19 م]ـ
بارك الله فيك أخي عبدالقادر يثرب
أشكركم على المساعدة