قيل حدثني أحمد بن الوليد الرملي قال حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله المغضوب عليهم اليهود ... ). طبعة الحلبي (1: 79).
ثم ساق الآثار الأخرى الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن مفسري السلف، وليس فيها أيُّ اختلاف، ولذا قال ابن أبي حاتم: (ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافًا) فسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم، تحقيق د / أحمد الزهراني (القسم الأول: 23).
ثانيًا: اعتمد على العقل المجرد، وذكر في كتابه استدلالات كلامية قائمة على العقل الكلامي، والكتاب يظهر فيه أثر علم الكلام من عنوانه ومن المسائل التي يتطرق إليها الماتريدي.
ويظهر أن لهذا سببًا، لك أتبينه بوضوح، ولعلَّه أنشأه للردِّ على استدلالات المعتزلة بالقرآن، فأراد أن يبيِّن تأويلات أهل السنة، وأنها خلاف ما تذهب إليه المعتزلة، وإنما قلت ذلك؛ لكثرة إقحامه الردَّ عليهم.
ولقد كان من نتاج اعتماد العقل المجرد ردُّ الإجماع الذي حكاه في قوله تعالى: (وقالوا لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة)، قال: (أجمع أهل التفسير والكلام على صرف الأيام المعدودة المذكورة في هذه الآية إلى أيام عبادة العجل، وذلك لا معنى له؛ لوجهين:
أحدها: أن هؤلاء لم يعبدوا العجل، وإنما عبد آباؤهم، فلا معنى لصرف ذك إلى هؤلاء.
والثاني: لو صرفت ذلك إلى آبائهم الذين عبدوا العجل لم يحتمل أيضًا؛ لأنهم قد تابوا ورجعوا عن ذلك، فلا معنى للتعذيب على عبادة العجل بعد التوبة والرجوع إلى عبادة الله؛ كقوله: (إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف)، وتصرف الأيام المعدودة إلى العمر الذي عصوا فيه) تأويلات أهل السنة (1: 204).
وأنت ترى أنه قد حكى الإجماع، ثمَّ صرَّح بمخالفته، فما فائدة هذا الإجماع إذًا؟!
هذا مع أنَّ هذا الإجماع منتقضٌ بما رواه الطبري عن ابن عباس ومجاهد من أنَّ اليهود يزعمون أنهم يُعذَّبون سبعة أيام.
والقول الذي زعم أن الإجماع منعقد عليه هو قول الجمهور، وقد رواه الطبري عن ابن عباس، وأبي العالية، وعكرمة، والضحاك، وقتادة، والسدي، وزيد بن أسلم تفسير الطبري طبعة الحلبي (1: 381 ـ 382).
ومن عنوان كتابه (تأويلات أهل السنة) يظهر أنه سيورد ما يحتمله النص القرآني من التأويل، وقد كان، لذا يكثر في كتابه لفظ (ويحتمل)، ومن ذلك كثرت المحتملات عنده حتى ظهرت في كتابه محتملات تأويلية ضعيفة أو باطلة، وقد يترك الصحيح ويعمد إلى ما هو أقلَّ منه، وقد يذكر الصحيح ويذكر معه ما هو ضعيفٌ لا يُحتملُ، وإنما قاده إلى ذلك اعتماده إبراز التأويلات الواردة على النصِّ، والله أعلم.
ومن أمثلة ذلك، ما ورد في تفسير قوله تعالى: (ويقيمون الصلاة)، قال: (يحتمل وجهين:
يحتمل الصلاة المعروفة، يقيمونها بتمام ركوعها وسجودها، والخشوع والخضوع له فيها، وإخلاص القلب في النية؛ على ما جاء في الخبر (انظر من تناجي).
ويحتمل الحمد والثناء عليه.
فإن كان المراد هذا فه لا يحتمل النسخ ولا الرفع في الدني والآخرة) تأويلات أهل السنة (1: 40).
وإقامة الصلاة في القرآن يراد بها الصلاة الشرعية، ولا معنى للقول الآخر الذي ذكره، ولا يظهر من كلامه هل هو ناقلٌ أم قائل، وأيًّا ما كان الأمر، فهو قول لا دليل عليه، وليس كل ما احتمله اللفظ مجرَّدًا جاز حمل القرآن عليه.
ثالثًا: مكثرٌ من الردِّ على المعتزلة.
رابعًا: نحى في المسائل الفقهية إلى مذهب أبي حنيفة.
خامسًا: قلَّ فيه تفسيره الاستشهاد بالشعر.
سادسًا: ينقل عن أهل الكلام، وقد يعتمد تفسيرهم ويقدمه على تفسير السلف، ومن ذلك قوله: (ثم اختلف أهل التفسير في العالمين:
فمنهم من ردَّ إلى كلِّ ذي روح ودبَّ على الأرض.
ومنهم من ردَّ إلى كل ذي روح في الأرض وغيرها.
ومنهم من قال: لله كذا وكذا عالم.
والتأويل عندنا: ما أجمع عليه أهل الكلام: أنَّ العالمين اسم لجميع الأنام والخلق جميعًا.
وقول أهل التفسير يرجع إلى مثله، إلا أنهم ذكروا أسماء أعلام، وأهل الكلام ما يجمع ذلك وغيرهم) تأويلات أهل السنة 1: 16.
¥