تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا هو الصحيح، وهو قول أكثر أهل العلم كما يفهم ذلك مِمَّا ذكره ابن عبدالبر في هذه المسألة، قال: (وقال إبراهيم النخعي والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ويحيى بن وثاب: ليس في سجود القرآن تسليم، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم.

وقال أحمد بن حنبل: أمَّا التسليم فلا أدري ما هو؟) ا هـ.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: (فإن أئمة الحديث والفقه ليس فيهم أحد قط نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه أنه سلّم منه) ([14]) ا هـ.

ومثل التسليم التشهد، فلا تشهُّد بعد سجدة التلاوة كما قال أكثر أهل العلم ([15]).

وبعد هذا العرض، يتبين لنا أن صفة سجود التلاوة تكون كالتالي:

إذا مرّ القارئ للقرآن بسجدة تلاوة فيشرع له ولمن استمع إليه أن يخرّ ساجداً بدون تكبير ويقول في سجوده: سجد وجهي للذي خلقه، وشق سمعه وبصره، بحوله وقوته، فتبارك الله أحسن الخالقين ([16]). اللهم احْطُطْ عني بها وزراً، واكتب لي بها أجراً، واجعلها لي عندك ذُخراً، وتقبَّلْها مني كما تقبلتها من عبدك داود ([17]).

وإن قال فيها ما يقوله في سجود الصلاة جاز ([18]).

ثُمَّ يرفع رأسه بلا تكبير، ولا يتشهد بعد السجود ولا يسلّم.

هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سجود القرآن، وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم ([19]).

الحواشي والتعليقات


([1]) الكافي في فقه أهل المدينة ص 76، 77.

([2]) هو: محمد بن سيرين، الإمام الرباني، أبو بكر، مولى أنس بن مالك - رضي الله عنه - كان إماماً غزير العلم، ثبتاً، علاّمة في التعبير، رأساً في الورع، رأى ثلاثين من أصحاب رسول الله r ، مات سنة 110 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 151 - 152، وسير أعلام النبلاء 4/ 606 - 622.

([3]) هو: مسلم بن يسار، القدوة، الفقيه، الزاهد، أبو عبد الله البصري، مولى بني أمية، كان يضرب به المثل في حسن صلاته، كان إذا صلّى كأنه ثوبٌ ملقى فلايسمع من حوله، مات - رحمه الله - سنة 100 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 4/ 510 - 514.

([4]) أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 316 عن وائل بن حجر قال: (رأيت رسول الله e يرفع يديه مع التكبير) وهو حديث حسن كما قال الألباني في إرواء الغليل رقم [641] 3/ 113 - 114.

([5]) هو: سلاّم بن سليم الثقفي مولاهم الكوفي، أبو الأحوص، الحافظ الثبت، قال ابن معين: ثقة متقن. وكان صاحب سنة واتباع. مات - رحمه الله - سنة 179 هـ مع مالك وحمّاد - رحمهم الله جميعاً -. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 368 - 369، وسير أعلام النبلاء 8/ 281 - 284.

([6]) هو: عبد الله بن زيد الجَرْمِيُّ البصريّ، أبو قلابة، أحد الأئمة الأعلام، روى عن جماعة من الصحابة، وكان ممن ابتُلي في دينه وبدنه حيث فقد يديه ورجليه وبصره، وهو مع ذلك حامد شاكر. وكان من عبّاد التابعين وزهادهم. مات بمصر سنة 104 هـ أو 107 هـ. انظر: طبقات علماء الحديث 1/ 164 - 166، وسير أعلام النبلاء 4/ 468 - 475.

([7]) هو: يحيى بن وثّاب، الإمام القدوة، المقرئ، الفقيه، شيخ القرّاء الأسدي الكاهلي، مولاهم، الكوفي، أحد الأئمة الأعلام. كان - رحمه الله - من أحسن الناس قراءة، حتى إنه إذا قرأ في المسجد أنصت الناس فلاتُسمع في المسجد حركة. مات سنة 103 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء 4/ 379 - 382.

([8]) التمهيد 19/ 133 - 134.

([9]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب: في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصلاة رقم [1413] 2/ 125 - 126 في سنده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم وهو ضعيف كما في التقريب رقم [3513] ص 528، ولذا فقد ضعفه جماعة من العلماء كابن تيمية في مجموع الفتاوى 23/ 170، والنووي في المجموع 4/ 64، والألباني في الإرواء 2/ 224، 225.

([10]) شرح السنة للبغوي 3/ 315.

([11]) هو: أبو عبدالرحمن، محمد ناصر الدين بن نوح الألباني، ولد سنة 1333 هـ، واشتغل بدراسة الحديث منذ أن كان في العشرين من عمره، وأصبح الحديث شغله الشاغل حتى صار أكبر محدثي العصر بلا منازع كما يشهد لذلك مؤلفاته الكثيرة المشهورة على حدّة فيه وشدّة في الرد على مخالفيه - عفا الله عنه - وهو معاصر حفظه الله. انظر: كتاب علماؤنا، إعداد فهد البدراني وفهد البراك ص 38 - 41.

([12]) تمام المنة للألباني ص 269.

([13]) من كلام الشيخ عبدالعزيز بن باز بتصرف، يسير نقلاً عن كتاب التبيان في سجدات القرآن ص 41.

([14]) مجموع الفتاوى 23/ 170.

([15]) انظر: كتاب سجود التلاوة وأحكامه للدكتور صالح اللاحم ص 138 - 139.

([16]) ثبت هذا الدعاء بهذا اللفظ في مستدرك الحاكم 1/ 480 رقم [833]، وأخرجه بدون زيادة {فتبارك الله أحسن الخالقين} أبو داود في كتاب الصلاة، باب: ما يقول إذا سجد، رقم [1414] 2/ 126، 127، والترمذي في أبواب الصلاة، باب: ما يقول في سجود القرآن رقم [580] 2/ 474 وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في الافتتاح، باب: الدعاء في السجود 2/ 222، وهو حديث صحيح. انظر: صحيح سنن أبي داود رقم [1255] 1/ 265، وصحيح سنن النسائي رقم [1081] 1/ 242.

([17]) أخرج هذا الدعاء الترمذي في أبواب الصلاة، باب: ما يقول في سجود القرآن رقم [579] 2/ 472، 473، وقال: هذا حديث حسن غريب. وانظر: صحيح سنن الترمذي رقم [473] 1/ 180 حيث قال: حسن. وقد حسّنه النووي في المجموع 4/ 64.

([18]) انظر: المجموع للنووي 4/ 64، والشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين 4/ 144 - 145.

([19]) انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 1/ 362 - 363.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير