تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"وأما القول بأن: التعجب استعظام للمتعجب منه - فيقال: نعم وقد يكون مقروناً بجهل بسبب التعجب، وقد يكون لما خرج عن نظائره، والله تعالى بكل شيء عليم، فلا يجوز عليه أن يعلم سبب ما تعجب منه بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيماً له. والله تعالى يعظم ما هو عظيم ............. فإنه وصف بعض الخير بأنه عظيم. ووصف بعض الشر بأنه عظيم، فقال تعالى: (رب العرش العظيم)، وقال: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم) وقال: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً، وإذاً لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً)، وقال: (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم)، وقال: (إن الشرك لظلم عظيم)، ولهذا قال تعالى: (بل عجبت ويسخرون) على قراءة الضم فهنا هو عجب من كفرهم مع وضوح الأدلة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم للذي آثر هو وامرأته ضيفهما: "لقد عجب الله وفي لفظ في الصحيح: "لقد ضحك الله الليلة من صنعكما البارحة وقال: "إن الرب ليعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب إلا أنا وقال: "عجب ربك من شاب ليست له صبوة وقال: "عجب ربك من راعي غنم على رأس شظية يؤذن ويقيم فيقول الله: انظروا إلى عبدي" أو كمال قال ونحو ذلك". اهـ بتصرف

فيفيد الاستفهام قدرا زائدا، ففيه الإشارة إلى تهكم المكذب، وفيه العجب من حاله، إذ قد فسد علمه وعمله فتجرأ على مقام الرب، جل وعلا، بتكذيب خبره على جهة الاستهزاء فـ: "وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ"، فتلك حال المؤمن المصدق الذي اكتمل قياس عقله الصريح بتصديق خبر الوحي الصادق، فولد ذلك في قلبه لزوما خشية تدل على كمال عقله، بخلاف الكافر فهو من نقصان العقل وفساد القياس بمكان، لتكذيبه بخبر الوحي الذي لا يأتي إلا بما يوافق العقول الصحيحة، فما أنكره إلا صاحب عقل فساد وقياس باطل، ولذلك تجد من مسالك الكفار، وإن كانوا أذكياء في العلوم التجريبية، تجد منهم فسادا عريضا في المسلك الشخصي الذي يظهر رقي الإنسان أو دنوه، فهم من أفسد الناس طريقة في العلم والعمل.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[18 - 05 - 2010, 09:45 ص]ـ

ومن قوله تعالى:

فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ: ففيه قراءاتان: بكسر الراء، بمعنى دهش وبهت، فيكون ذلك من المجاز العقلي عند من يقول به، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير" رحمه الله، فالدهشة والبهت مما يقوم بالإنسان، فيكون تخصيص البصر بإسناد الفعل إليه لكونه أول وأبرز ما تظهر عليه آثار الدهشة، فمن عيني الإنسان تعرف دواخله، فهما بمنزلة الحاجب للقلب: الملك المتربع على عرش الجوارح، فأسند الفعل إلى العضو، وأريد الإنسان، فذلك جار مجرى إطلاق الجزء وإرادة الكل، ومنكر المجاز يجعل ذلك من باب المبالغة فهو دال على شدة الملابسة، فالمعنى قد علم ابتداء بل حصل بإسناد الفعل إلى البصر مزيد بيان لعظم الهول حال قيام القيامة، فذلك من جنس فغر الفاه دهشة، فكلها أعراض تظهر على الجوارح تشي بما يعتمل في الباطن من الحركات والإرادات، فالعين تفضح المحب والمبغض، الشجاع والجبان، ...... إلخ، و: "أل" في "البصر": جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه فمعناها يؤول إلى عموم الأبصار، فهول يوم القيامة عام: (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ): فـ: "كل" عموم محفوظ لا تستثنى منه مرضعة دون آخرى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير