تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[24 - 05 - 2010, 07:42 ص]ـ

ومن قوله تعالى: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ):

فذلك من النهي رفقا بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ففيه معنى الإرشاد فلا تحرك به، أي: القرآن، فالضمير راجع على غير مذكور لنباهة ذكره، فلا تحرك بالقرآن لسانك حال نزوله، فقد كان صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعالج من التنزيل شدة، فيحرك لسانه به خشية النسيان، فيقرأ الروح الأمين، ويقرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيحرك شفتيه، كما في حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، وذلك من المشقة بمكان، فإن عمل اللسان بالكلام يعطل عمل الأذن بالسمع، فلا تتفرغ حاسة السمع لقبول آثار الوحي، فتكفل الرب، جل وعلا، عناية برسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بحفظ الكتاب العزيز في صدره، فعطف القرآن، وهو مصدر "قرأ" بمعنى جمع، على الجمع فذلك من عطف المترادفين توكيدا في مقام العناية بحفظ الكتاب العزيز في صدر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو أولى حلقات الإسناد البشري للكتاب العزيز، أو هو المخرج البشري لهذا الوحي فعليه تدور كل الأسانيد فلا بد أن يكون الأصل قد حفظ على وجه لا يتطرق إليه الشك أو النسيان المؤثر بإسقاط محكم، فالنسيان قد يرد ولكنه إما أن يكون من قبيل قوله تعالى: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فينسي الرب، جل وعلا، الحفظة ما نسخ من لفظ الكتاب العزيز، فذلك من رحمته، جل وعلا، لئلا يختلط المحكم بالمنسوخ، فذلك قادح في نقل الكتاب العزيز، وإما أن يكون من قبيل النسيان الجبلي لما حفظ وأحكم، فهو من قبيل ما يعرض للإمام في الصلاة، من النسيان، فلا يقدح في نقل الكتاب العزيز، فذلك لا ينافي عصمة التبليغ، إذ لم يقع النسيان حال التلقي أو الأداء، فتلقى الرسول البشري الوحي من الرسول الملكي فحفظه وأداه كما سمعه، بلا زيادة أو نقصان، لمكان العصمة من الكذب والخطأ، لئلا تبطل الحجة الرسالية باحتمال الخطأ في تبليغ الوحي، فذلك مما عصم منه الرسل عليهم السلام، وتلقاه عنه الحفظة فأتقنوه، فإن عرض النسيان الجبلي للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالحفظة قد جمعوا ما بلغه، فالكتاب العزيز محفوظ بالتواتر، إذ قد جمعه عدد يحصل به التواتر فالحفظة من الصحابة، رضي الله عنهم، كثير، وعن كل حمل جمع يحصل به التواتر لحرف قريش الذي جمع عثمان، رضي الله عنه، الناس عليه، فالأصل محفوظ لمكان العصمة، والنقل متواتر، لعناية الحفظة بجمعه ونقله، فذلك من حفظ الرب، جل وعلا، له، وذلك ما لم يكن لبقية الأمم التي وكل الحفظة فيها إلى أنفسهم، فزادوا ونقصوا، على جهة العمد أو الخطأ، فلم يعد لكتبهم ما للكتاب العزيز من العصمة، فكتبهم قد ترجمت عن أصول منقطعة الأسانيد، فلا تصمد لمعايير النقد العلمي: إسنادا أو متنا.

فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ:

فالقراءة هنا بمعنى التلاوة، فذلك، أيضا، مصدر: "قرأ"، ولكنه هنا بمعنى يغاير معنى الجمع في الآية السابقة، من وجه، وإن كان يماثله من وجه آخر، فالتلاوة، أيضا، مظنة جمع الحروف والكلمات، والآيات والسور، وإن كان جمعها تلاوة يكون على اللسان، بخلاف جمعها حفظا فإنه يكون في الصدور، فحصل التباين من وجه، والتماثل من وجه آخر، ففيه وصف المشترك اللفظي لدلالته على معنيين متباينين: الحفظ والتلاوة، وفيه وصف المشترك المعنوي فكلاهما يرجع في معناه إلى معنى الجمع على الألسن أو في الصدور، كما تقدم، فضلا عن جمعه في المصاحف، فذلك وجه تسمية الكتاب المسطور: قرآنا، فالآيات فيه مقروءة مقرونة ببعضها، فذلك وجه آخر لتسميته بـ: "القران"، بتسهيل الهمزة، فآياته قد اقترنت فانضم بعضها إلى بعض، في سور، وسوره قد انضم بعضها إلى بعض في المصاحف، بخلاف ما ذهب إليه الشافعي، رحمه الله، من كون اللفظ علما جامدا على الكتاب العزيز، فهو من قبيل

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير