ـ[سنهور]ــــــــ[29 - 05 - 2010, 12:37 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الإفاضة التى قدمتها
سائلا الله أن يجعلك دائما من خدام كتابه
ويجزيك بذلك خير الجزاء
ـ[مهاجر]ــــــــ[03 - 06 - 2010, 12:52 م]ـ
وجزاك خيرا أستاذ أبا فهر وجعل لك ولكل الإخوة الكرام من دعائك الطيب أوفر نصيب.
ومن قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ):
فذلك جار مجرى ما تقدم من استيفاء أجزاء القسمة العقلية، فينقسم الناس يوم القيامة إلى فريقين فرعا عن انقسامهم في دار الدنيا إلى طائعين وعصاة، فالبداية ذريعة إلى النهاية، فبصلاحها يكون صلاح النهاية وإن كانت شديدة فالشدائد تصنع الرجال، وبكير النار يحصل النقاء، وما يدرك ذلك إلا المسددون الذين ألهمهم الرب، جل وعلا، معرفة السر وإدراك الكنه، فوقفوا على حكمة الابتلاء الكوني فكان ذلك ذريعة لهم إلى امتثال التكليف الشرعي بالأمر والنهي، فهو: متعلق الابتلاء الشرعي الذي يستعين به أولئك السادة على رد الابتلاء الكوني، أو دفعه إذا وقع، أو احتمال آثاره إن لم يملك له المكلف رفعا أو دفعا، فتلك البداية الكاملة التي يتذرع بها إلى كمال النهاية، فبصلاحها يكون صلاح النهاية، كما تقدم، وبفسادها يكون فساد النهاية، وإن أصاب صاحبها لذة طارئة في دار التكليف فذلك من جملة الغرور الذي يستدرج به الرب، جل وعلا، الكافرين، فيملي لهم بسعة طارئة في الدنيا مع تفريطهم في أمر الديانة، فذلك من كيده المتين، فيبتلي بالسراء ليشكر، ويبتلي بالضراء ليسأل، فـ: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، فحض على التضرع حال البأس فذلك مسلك المسددين، فلا يخلو التحضيض بـ: "لولا" من زجر لهم، وحض لغيرهم لئلا يسلكوا مسلكهم المذموم بقرينة التذييل بتزيين الشيطان، فانقسم الناس باعتبار الحال إلى فريقين باعتبار المآل:
فـ:
وجوه: فتلك نكرة سوغ الابتداء بها التقسيم والتنويع، فذلك من مسوغات الابتداء بالنكرة، على وزان ما أورده ابن عقيل، رحمه الله، في شرحه على الألفية شاهدا على جواز الابتداء بالنكرة في معرض التنويع استيفاء أو ذكرا لوجوه محتملة، على وزان ما أورده في هذا الشأن من قول امرئ القيس:
فأقبلت زحفا على الركبتين ******* فثوب لبست، وثوب أجر
فوجوه يومئذ: فالتنوين عوض عن جملة مقدرة قد دل السياق على تقديرها، فالحال: حال بيان لدار الجزاء، فيكون المقدر من جنس ما تقدم، فذلك أولى من تقدير محذوف من غير السياق، فهذا أصل في تقدير المحذوف أشار إليه صاحب "التحرير والتنوير" إذ قدر المحذوف بـ: وجوه يوم إذ برق البصر، فقدر المحذوف التالي من جنس المذكور السابق، فوجوه يوم إذ برق البصر: ناضرة، فذلك مئنة من السعادة فنضرة الوجه الظاهر مئنة من نضرة القلب الباطن، فالظاهر، كما تقدم مرارا، مئنة من الباطن صحة أو فسادا، سرورا أو حزنا، فذلك من قبيل التكنية بالظاهر عن الباطن، كما أشار إلى ذلك صاحب "التحرير والتنوير"، فالوجه يفضح انفعالات القلب، وإن اجتهد صاحبه في إخفاء ما يكن صدره ويستجمع قلبه من المحبة أو البغض، من الفرح أو الحزن ..... إلخ من المشاعر الإنسانية المتقابلة، فـ:
"ما أسر أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه"، كما أثر عن عثمان رضي الله عنه.
ثم جاء الخبر الثاني عن تلك الوجوه الوضيئة، فذلك من الإطناب في بيان حالهم في معرض المدح لهم والحض على سلوك طريقتهم رجاء بلوغ رتبتهم، فضلا عن كونه من قبيل: عطف العلة على المعلول، فعلة النضرة التي تعلو الوجوه: النظر إلى الرب، جل وعلا، فقد أكسبهم ذلك نضرة، من جنس النضرة التي اكتسبها وجه الكليم عليه السلام لما ناجى ربه، جل وعلا، فكيف بمن يراه كفاحا في دار النعيم فتلك الزيادة التي لا زيادة بعدها، فجنس تلك النعمة هو أشرف أجناس النعم في دار هي أشرف أجناس الدور، فلذة العلم بالرب، جل وعلا، في دار الابتلاء، معرفة لأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، أشرف أجناس اللذات العلمية، التي هي أشرف أجناس
¥