تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن نفينا لرؤية الله سبحانه راجع لكون الرؤية ذاتها أمرا مستحيلا، بمعنى أن الرؤية تنسف مسألة الكمال فالرؤية لكي تتم يجب أن يكون المرئي جسما مفتقرا للمكان وفي جهة دون جهة و عند الرؤية يكون المرئي محكوما بالزمان أيضا، فكل هذا هو ما ننفيه حتى لا يتعارض مع كمال الله سبحانه وتعالى

وعليه فالرؤية مستحيلة كونها تضرب وتنسف مسألة الكمال وتأتي بالنقص، وعليه أوليس النقص ليس كمالا؟! وعليه لتعلموا أننا عندما ننفي الرؤية فوالله ليس تعصبا ولا ردا، ولكن إيمانا بعظمة من نعبده وكماله المطلق، فالروية من أحكام المخلوقات، والطريق إلى معرفة الله معرفة يقينية هي التأمل في هذا الكون البديع الذي ينطق بعظمة العظيم، ومن ثم أليس نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت، مؤديا إلى اليقين وهو ما وصل إليه الرسول الكريم؟!!

وأدل دليل على كلامي أليس القرآن كله يدعوا إلى التفكر والتدبر في المخلوقات في الكثير من الآيات وكذلك تكلم عن الجنة ونعيمها وحال المؤمنين فيها بمئات الآيات، ويذكر مسألة الرؤية على حد قولكم في آية واحدة أو آيتين وهي أعظم نعيم وأدل دليل على العلم اليقين!!! لو كان الأمر كما قلتم لدعانا الله إلى السعي من أجل أكبر نعمة ليكون بذلك باعثا على طاعته وامتثال أوامره!!

ولقد قلتم (في الآية التي تفضلت بعرضها في المداخلة الثانية، وهي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ): كلام جمهور المفسرين بما فيهم أصحاب الاتجاه النقلي كالطبري وابن كثير، رحمهما الله، يدل على معنى التعطف، فلا ينظر إليهم بعين العطف والرحمة، وهو معنى علمي، ولكنه لا ينفي النظر الحقيقي، بل هو لازم من لوازمه، فيكون ذلك من قبيل التفسير باللازم، فلا يلزم من ذلك نفي الأصل، وهو النظر بالعين، بل حتى في عالم الشهادة، ولله المثل الأعلى، يكون الإعراض عن النظر إلى الإنسان بالعين دليلا على البغض والكره، فيقول المعرِض: لا أطيق النظر إلى فلان، وهو يعني أنه يبغضه بغضا شديدا، ومع ذلك لا يلزم من ذلك نفي المعنى الأصلي للنظر وهو النظر بالعين، بل غالبا ما يتلازم الأمران، فلا ينظر الإنسان إلى من يكرهه لا بعينه ولا برحمته وشفقته، ولله المثل الأعلى، فما المانع من حمل الآية على هذا المعنى، لا سيما أن من فسر باللازم لم يلتزم نفي الأصل فينفي الرؤية الحقيقية لما يلزم من ذلك من لوازم قياس التمثيل الذي يقتضي تشبيه الخالق، عز وجل، بالمخلوق)

الذي أود التعليق عليه هنا هو أن النظر وإن تعدى بإلى قد يأتي بمعنى غير الرؤية العينية بدليل الآية، ويأتي بمعنى الرؤية العينية في آيات غيرها. فلا تقعدوا القواعد إلا بعد الاستقراء والتدقيق، نصيحة تنفعكم في البحث العلمي.

في سياق كلامكم: (كما في قوله تعالى: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي)، فالسياق سياق امتنان على الكليم عليه السلام، فناسب ذلك حمل العين هنا على عين الرعاية بدليل ما تقدمها: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي)، دون أن يلزم منه نفي صفة العين بل تثبت هي الأخرى لله، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله، فيكون تفسيرها هنا بلازم من لوازمها وهو الرعاية لقرينة السياق، كما تقدم، ويثبت أصل الصفة بجمع أدلة الباب من الكتاب والسنة والتي دلت على إثبات الصفة لله، عز وجل، على جهة الحقيقة، فينتهي الإشكال بحمل المتشابه على المحكم والنظر في الأدلة مجتمعة.)

أرى أن تعود إلى هذا الرابط فقد تناولنا الموضوع فأغلق:

http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?58760-%C7%E1%CC%E6%C7%D1%CD-%E6%E3%DA%C7%E4%ED%E5%C7-%DD%ED-%C7%E1%C8%E1%C7%DB%C9

وستقرأ في الملف الذي رفعته بعنوان المجاز في القرآن الكريم ما تجده بإذن الله كافيا.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير