تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التوحيد أجل علوم النبوات، فلا يكفي العمل بمعزل عن العلم إذ هو مظنة الابتداع، ولا يكفي العلم بمعزل عن العمل إذ هو مظنة العصيان.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[22 - 05 - 2010, 10:34 ص]ـ

ومن ذلك أيضا:

قول أبي هريرة رضي الله عنه:

أيها الناس! أظللتكم فتنة كقطع الليل المظلم، أنجى الناس فيها - أو قال: منها - صاحب شاء يأكل من رسل غنمه، أو رجل وراء الدرب آخذ بعنان فرسه يأكل من سيفه.

ففي قوله: "أظلتكم": استعارة غشيان الظل الحسي لغشيان الفتنة المعنوي، فيجري مجرى الاستعارة التصريحية التحقيقية، إذ غشيان الظل أو الظلمة .......... إلخ مما يحيط بالشخوص، مما تمكن الإشارة إليه حسا.

وتشبيهها بقطع الليل المظلم: تشبيه مرسل مجمل، حذف فيه وجه الشبه، وهو عموم الفتنة وخفاء أمرها، ففيه توكيد للممنى المتقدم فهي فتنة عامة مشتبهة لا يظهر فيها وجه الحق الخالص إلا لقلة من المسددين، ولا يعذر فيها بالاجتهاد السائغ إلا قلة من سادات المؤمنين أصحاب الرأي والنظر على التفصيل المتقدم.

وفي تقديم إسناد وصف النجاة لمن يأتي بيان حالهم: نوع تشويق بتصدير الكلام بما تتشوف إليه النفوس من الحكم إذ يتلهف المخاطب على معرفته إذا كان محط الفائدة، لا سيما إن كان أحسن عاقبة فهو قائم مقام البشرى.

صاحب شاء: بيان بذكر أفراد المحكوم بعد إجمال حكم النجاة: و: "من": للتبعيض فضلا عما اطرد من دلالتها على ابتداء الغاية، فابتداء غاية أكله منها، والبيان، إذ أكله من جنس تلك الشياه بداهة.

أو رجل وراء الدرب آخذ بعنان فرسه يأكل من سيفه: للتقسيم وهو حاصر من جهة المعنى الكلي، غير حاصر من جهة الأفراد: فمراد أبي هريرة، رضي الله عنه، أن خير ما يفعل في زمن الفتن عموما: الاعتزال أو جهاد الكفار، فلم يرد النص على صورة الآكل من قطيعه أو المجاهد بسيفه خصوصا فالعبرة بالعموم لا بالأفراد المذكورة.

و: "من" في قوله: "يأكل من سيفه": سببية على ما اطرد في كلام البلاغيين ومن صنف في معاني الحروف من دلالات: "من" المتعددة، فالسيف آلة استخلاص الغنائم المأكولة.

والله أعلى وأعلم.

ـ[مهاجر]ــــــــ[25 - 05 - 2010, 08:07 ص]ـ

ومنه حديث عبد الله بن عمرو، رضي الله عنهما، مرفوعا: (كَيْفَ بِكُمْ وَبِزَمَانٍ أَوْ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ زَمَانٌ يُغَرْبَلُ النَّاسُ فِيهِ غَرْبَلَةً تَبْقَى حُثَالَةٌ مِنْ النَّاسِ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَأَمَانَاتُهُمْ وَاخْتَلَفُوا فَكَانُوا هَكَذَا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ فَقَالُوا وَكَيْفَ بِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ):

يغربل فيه الناس: على سبيل الاستعارة، إذ الفتن تميز الناس كما يميز الغربال جيد الدقيق من رديئه، فتبقى الحثالة التي قد اختلطت أمورهم، وذلك حال من لابس الفتنة ولم يكن من الراسخين في العلم فإنه يخبط فيها خبط عشواء، والتشبيك بين الأصابع جار مجرى البيان بالإشارة، إذ استعار التداخل بين الأصابع حال التشبيك، للتداخل الحاصل زمن الفتن.

وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: تَأْخُذُونَ مَا تَعْرِفُونَ وَتَذَرُونَ مَا تُنْكِرُونَ: مقابلة في العلم فتأخذون منه المعروف المشهور وتذرون في مقابله المنكر والشاذ، وتتبع غرائب العلم لغير التفقه مظنة الخذلان.

وَتُقْبِلُونَ عَلَى أَمْرِ خَاصَّتِكُمْ وَتَذَرُونَ أَمْرَ عَامَّتِكُمْ: مقابلة في العمل فرعا عن العلم فتقبلون على أعمال الخاصة من أهل العلم وتذرون أعمال العامة التي يغلب عليها التخليط والابتداع، فهي وصية جامعة لترياق الفتن: العلم النافع والعمل الصالح.

والله أعلى وأعلم.

ـ[احمد عاطف]ــــــــ[25 - 05 - 2010, 10:10 ص]ـ

موضوعاَ غاية في الروعة والجمال وشرح وافي للحديث اسئل الله أن يكفينا شر الفتن وجزاك الله خيراَ

ـ[مهاجر]ــــــــ[29 - 05 - 2010, 08:26 ص]ـ

وجزاك خيرا أخي أبا يزيد، أيها الكريم، على المرور والتعليق، ووقاني وإياك وكل المسلمين شر الفتن.

ومن حديث حذيفة، أمين السر، رضي الله عنه:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير