تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد جعل بعض أهل العلم هذه الآية دليلا لأعمال يوم النحر، فتقدم الصلاة على الذبح، ولذلك شرع التبكير بصلاة العيد ليتفرغ الناس لذبح أضحياتهم فتصلى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، فهذا الاستدلال في مقابل الاستدلال بقوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى)، على أعمال يوم الفطر، فهي على الضد، فتقدم الزكاة على الصلاة، ولذلك شرع تأخير صلاة العيد فتصلى بعد ارتفاع الشمس قيد رمحين ليتمكن الناس من أداء زكواتهم قبل الصلاة فذلك وقتها، على خلاف بين أهل العلم في جواز تقديمها بيوم أو يومين كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

وأجاب بعض أهل العلم عن ذلك بأن هاتين الآيتين مكيتان، ولم يكن ثم صيام وحج، فهما مما فرض في العهد المدني، فحمل المتأخر على المتقدم، على قول من جوز تقدم نزول الآيات على أسبابها، خلاف الأصل، فلا يعدل إليه، بل الأولى حمل الآية على عمومها، فهي تعم هذه الصلوات والزكوات والذبائح، ولكنها لم تنزل فيها تعيينا، فتشملها بعموم معناها لا بخصوص سببها، فذلك جار، على ما تقدم مرارا، من تفسير العام بذكر فرد من أفراده فلا يخصصه بل يشمله ويشمل غيره، فالآيات تشمل كل أجناس الصلاة والزكاة والذبح، وحمل الآيات على العموم هو الأصل، لقرينة عموم التشريع، فلا يعدل عنه إلى التخصيص، فهو خلاف الأصل، إلا بدليل، ففيه تضييق لدائرة الاستدلال، والأولى في حق الدليل الشرعي: إثراء معناه بتوسيع دائرة الاستدلال به فتعم سائر أفراده دون قصر له على بعضها دون بعض إلا إذا ورد الدليل المخصص كما تقدم.

ثم جاء تعليل آخر بمنة ربانية أخرى على النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم بإهانة أعدائه، فذلك تكريم له ولأمته من بعده، أي تكريم، فمهما ظهر أمر شانئه، كما هي الحال في زماننا، وآخر صور ذلك الشنآن، المنافسة الخبيثة التي جرت على صفحات موقع الفيس بوك المشبوه، وقد صار، كما ذكرت إحدى الباحثات، وكرا للتجسس على العالم الإسلامي عن طريق استدراج أعضائه من العرب والمسلمين بإقامة علاقات وثيقة مع أفراد مدربين من أجهزة استخبارات متخصصة، فأجرى منافسة لاختيار أفضل رسم كاريكاتوري يسخر من النبي الخاتم، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد فازت به صحيفة جنوب إفريقية، وتداعيات القصة معروف منشورة على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، فالشاهد أنه مهما ظهر أمر هذا الشانئ، وتقاعس أتباع النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقعدوا اختيارا أو أقعدوا إكراها عن الانتصار لعرضه الشريف، فإن الرب، جل وعلا، يغار لعرض نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إن بردت دماء أتباعه، فلم يعد يعنيهم أن يسب ويطعن في شخصه وعرضه، فتلك من جملة الحريات العامة المكفولة لكثير من المرتدين في بلادنا، بل بعضهم قد نال تكريما من حكومات لا تقيم للدين وزنا ولا تعرف الغضب إلا لسلطانها الجائر، فإذا كانت هذه هي الحال فعلام الإنكار على الكفار الأصليين من اليهود والنصارى إن هم سبوا النبي الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشيدوا القنوات والمواقع المتخصصة في ذلك، وتلك، على سبيل المثال لما نحياه واقعا في أرض مصر، حال كثير من النصارى في بلادنا، فأكثر تلك المواقع قد أسسها، كما ذكر بعض الفضلاء المتخصصين في هذا الشأن عندنا، نصارى مصريون، فهم بعد تصاعد حدة هجوم الكنيسة الحالية على الثوابت الإسلامية، لرءوسها أذناب، فلا يملكون إلا السير على مناهجهم الردية، دون إعمال فكر أو روية، فتلك حال المقلد الأعمى، الذي سلم عقله لغيره ليسوسه كيفما شاء تحقيقا لمآربه الشخصية، باسم الديانة التي صار سب الأنبياء والقدح فيهم جزءا رئيسا منها، فكلما أوغلت في السب رسخت قدمك في الديانة وصرت من أهل الإيمان الذين وجب لهم الغفران في الأرض والخلاص بدخول ملكوت السماء!، وعلى احترام الآخر وتعظيم الثوابت .... إلخ السلام!، فذلك لا يكون فرضا إلا على أهل الإسلام فهم المعنيون دوما بثقافة التسامح والسلام فلا تطرف إلا في دينهم!، ولو تأمل من قدح في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولو كافرا أصليا، ما ناله من بركة نبوته صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لا سيما إن كان ممن تمتع بنعمة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير