تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى آله وسلم أعظم من جهة القدر والوصف لمكان الرسالة الخاتمة برسم العالمية على ما قرر أهل العلم في مسألة تفاضل الأنبياء عليهم السلام على وجه لا يقع فيه التعصب بالانتقاص من قدر المفضول فالقدح في نبي واحد ولو لم يعلم اسمه كفر لاقتضائه القدح في مقام النبوة وهي ركن ركين وأصل عظيم من أصول الإيمان فالنبوات هي الواسطة بين الحق والخلق فإنكارها إنكار للوحي المنزل روح هذا العالم فهو، كما تقدم مرارا، ماده صلاحه الكوني والشرعي، المادي والمعنوي، فأصل النبوات أصل جليل ولذلك اشتهر جنس النبوات بين الأمم ذات الحضارة الأعلى، ولو وصلت إليهم محرفة فحالهم أكمل من حال أمم كالبراهمة الذين لم يعرفوا نبوة قط فجعلوا العقل نبيا يصدرون عن وحيه المضطرب! فلكل مكلف نبي يحمله في صدره أو رأسه!، والعقول إذا عزلت عن منهاج النبوة المعصومة هلكت في أودية القياس العقلي الذي لا يحمد إلا في إطار النقل الشرعي الذي يزكيه ويؤيده برسم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) فإن تنازعت العقول فالوحي حكم عدل بحكمه يقضى بين الخصوم بعد تحرير محل النزاع فحكم الشرع يوافق العقل، والمنقول الصحيح يواطئ لا محالة المعقول الصريح فلا غنى للعقل عن النقل الذي يؤيده بمادة العصمة، فالشرع أمان من الزلل في العلم والعمل، فشأن النبوات: شأن عظيم، ولذلك وقع الخلاف فيها جفاء: فأنكرها أو ازدراها قوم وتلك الحال الغالبة على أرباب المذاهب العقلية التي أنكرت النبوة إنكارا كليا بلسان المقال كما تقدم من مذهب البراهمة فهم من قدامى هذا القول وكما هي حال الملحدين في زماننا برسم الشيوعية الشرقية البائدة أو العلمانية الغربية المعاصرة التي يكتوي العقل الغربي الآن بنيرانها فلا يجد ملجأ من تطرفها الذي يصادم الفطرة الإنسانية الأولى إلا في ظلال الدين الخاتم، فرسالته: حجة عقلية باهرة وأمان نفساني عظيم فلا يجد المكلف حرجا عقليا في قبول تصورها الإيماني فـ: لا إله إلا الرب المعبود بحق المتصف بكمال الذات والأسماء والصفات والأفعال أزلا وأبدا فهو الأول والآخر فاستحقاقه كمال التأله فرع عن اتصافه بكمال الربوبية فهي آثار أوصافه الكاملة، فكمال أفعاله في الكون إيجادا وتدبيرا فرع عن كمال أوصافه علما وقدرة وحكمة ...... إلخ، فهذا توحيد المرسِل، جل وعلا، و: محمد رسول الله: توحيد المرسَل، كما تقدم، فهو الواسطة الخاتمة بين الرب، جل وعلا، والخلق فجاء برسالة خاتمة فيها من العلوم العقلية والأعمال التكليفية ما يصلح به الباطن والظاهر بشهادة كل منصف ولو غير مسلم، فالقانونيون من غير المسلمين يسلمون إذا اتبعوا قواعدهم المنهجية بكمال هذه الشريعة، والفلاسفة مع تطرفهم في إنكار النبوة يسلمون بأنه لم يطرق الكون ناموس أكمل من ناموس النبوة، ولو كانت عندهم تأملات عقلية صدرت من إنسان موصوف بكمال القوى النفسانية والتأثيرية، فأحكامها، كما تقدم، تعم كل حاجات الفرد والجماعة، فبها تنتظم علاقات الأفراد داخل الجماعة الواحدة ولو اختلفت المشارب والأهواء بل المذاهب والأديان، وبها تنتظم علاقات الجماعة المسلمة مع بقية الجماعات، فإعجاز النبوة التشريعي من دلائل النبوة الدامغة، فضلا عن إعجاز التنزيل البلاغي، وآيات الرب، جل وعلا، في شخص الرسول الخاتم صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هديه وسمته، في بيته ومجلس حكمه، في سلمه وفي حربه ...... إلخ فلم تخف من حياته خافية، فجاء بناموس ناسخ لناموس من تقدمه من أولي العزم عليهم السلام، وهو مع تلك الدعوى العظيمة مؤيد بآيات الشرع فحجته النقلية صحيحة وحجته العقلية صريحة لم ولن يقدر أحد على إبطالها حتي قيام الساعة، وآيات الكون فقد ظهر أمره وارتفع ذكره وانتشر دينه في الشرق والغرب فأقبل عليه عقلاء الأمم من كل المشارب الفكرية، نقلية كانت أو عقلية، فدخل فيه اليهود والنصارى، ودخل فيه العلمانيون بل والشيوعيون، فهو أكثر الأديان انتشارا في هذا الزمان فلا تزيده هجمات

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير